راجعه في أمرهنّ لمّا همّ بهنّ تأدّباً ، وما هذه الفظاظة الدافعة له إلى ما فعل؟ وكيف مدّ يده الى تلكم النسوة حتى أخذ بها النبيّ الأعظم ودافع عنهنّ؟ والمجتمِعات هناك بطبع الحال حامة رسول الله وذوات رحمه ونسوته ، غير أنّي لا أعلم أنّ الصدّيقة فاطمة التي كانت من الباكيات في ذلك اليوم هل كانت بين تلكم النسوة المضروبات أو لا؟ وعلى أيّ فقد جلست إلى أبيها وهي باكية.
وكانت للخليفة في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمرأى منه ومشهد مواقف لدة هذه لم يصب فيها قطّ ، ومنها ما حدّث به سلمة بن الأزرق أنّه كان جالساً عند ابن عمر بالسوق فمرّ بجنازة يُبكى عليها. قال : فعاب ذلك ابن عمر وانتهرهنّ ، قال : فقال سلمة : لا تقل ذلك يا أبا عبد الرحمن فأشهد على أبي هريرة سمعته يقول : مُرّ على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بجنازة وأنا معه ومعه عمر بن الخطّاب رضى الله عنه ونساء يبكين عليها فزبرهنّ عمر وانتهرهنّ ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «دعهنّ يا عمر فإنّ العين دامعة ، والنفس مصابة ، والعهد حديث». قالوا : أنت سمعته يقول هذا؟ قال : نعم ، قال ابن عمر : فالله ورسوله أعلم. مرّتين (١).
وأخرج الحاكم (٢) بإسنادٍ صحّحه ، وأقرّه الذهبي ، عن أبي هريرة قال : خرج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على جنازة ومعه عمر بن الخطّاب فسمع نساء يبكين فزبرهنّ عمر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يا عمر دعهنّ فإنّ العين دامعة ، والنفس مصابة ، والعهد قريب».
وعن أبي هريرة : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في جنازة فرأى عمر امرأةً فصاح بها ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «دعها يا عمر ، فإنّ العين دامعة ، والنفس مصابة ، والعهد قريب» (٣).
__________________
(١) السنن الكبرى للبيهقي : ٤ / ٧٠ ، مسند أحمد : ٢ / ٤٠٨ [٣ / ١٢٨ ح ٩٠٣٨]. (المؤلف)
(٢) المستدرك على الصحيحين : ١ / ٣٨١ [١ / ٥٣٧ ح ١٤٠٦ ، وكذا في تلخيصه]. (المؤلف)
(٣) سنن ابن ماجة : ١ / ٤٨١ [١ / ٥٠٥ ح ١٥٨٧]. (المؤلف)