قليلاً ، وهم في آخر الزمان يَقلُّونَ إلّا أنهم خِيار.
ومِمَّا يَدلُّ على هذا المعنى الحديث الآخر : «خيارُ أُمَّتِي أَوَّلُها وآخرها وبيْن ذلك ثَبَجٌ أَعْوج ليس منكَ ولستَ منه».
وفي حديثٍ آخر : «إنَّ فيكم مُغَرِّبين ، قالوا : وما مُغَرِّبون ، قال الذين يَشْرَكُ فيهم الجنُّ» ، سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنهم جاءوا من نَسَبٍ بعيد ، وغُرَّب : اسم موضع ، ومنه قولُه :
في إثْر أَحْمَرَةِ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ
ورَحا اليد يقال لها غَريبة ، لأن الْجيران يَتعاوَرُونها ، وأنشد بعضهم :
كأنَّ نَفيَّ ما تَنفِي يَداها |
نفِيُ غريبةٍ بيَدَيْ مُعِين |
والْمُعِينُ أن يسْتعين المديرُ بيد رجلٍ أو امرأةٍ يضَع يدَه على يدِه إذا أَدارَها ، وغُرابُ البَرِير عُنْقودُه الأسود ، وجمعُه غِرْبان.
قال بِشْرُ بن أبي حازمٍ :
رأَى دُرَّةً بيضاءَ يحفلُ لونَها |
سُخَامٌ كغِرْبانِ البَرِير مُقَصَّبُ |
يَحفِلُ لونها : يجلوه ويَشُوفُه ، أرادَ أنَّ سوادَ شَعرِها يزيدُ لونها بياضاً.
والعربُ تقول : فلان أَبصَرُ من غرابٍ وأَشَدُّ سَواداً من الغراب ، وإذا نَعَتوا أَرْضاً بالخِصْبِ قالوا : وَقَع في أرضٍ لا يَطيرُ غرابها.
ويقولون : وَجَد تَمْرَةَ الغُراب ، وذلك أنه يَتَتَبَّعُ أَجْود التمر فيَنْتَقِيه.
ويقولون : أَشْأَمُ من غرابٍ وأَفْسَقُ من غرابٍ ، ويقال : طار غراب فلان إذا شاب رأسه. ومنه قول الشاعر :
لمَّا رأيتُ النَّسْرَ عزَّ ابنَ داية
أَرادَ بابن دايةٍ الغرابَ وقد مرَّ تفسيرُ هذا البيت ، وعَيْنٌ غَرْبَةٌ : إذا كانت بعيدة المطْرَح. وأنشد الباهِلِيُّ :
سأَرْفَعُ قولاً للحُصَيْنِ ومالِكٍ |
تَطيرُ به الغرْبَانُ شَطْرَ المَوَاسِمِ |
قال : والغِرْبان : غِرْبانُ الإبلِ ، والغُرَابانِ طَرَفَا الوَرِكَ اللّذان يَكُونان خَلْفَ القَطَاةِ.
والمعنى : أَنَّ هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى المَواسِمِ ، وليس يريدُ الغرْبانَ دونَ غيرها ، وهذا كما قال :
وإنَّ عِتَاقَ العِيسِ سوف تَزورُكم |
ثَنائِي عَلَى أَعْجَازِهنَّ مُعَلَّقُ |
فليس يريد الأعجازَ دون الصُّدور ، وقيل : إنما خصَّ الأعجازَ والأوراكَ لأنَّ قائلَها جَعل كِتابَها في قَعِيبَةٍ احْتَقَبها وشدَّها على عجزِ بَعِيرِه.
رغب : رُوي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «كيْفَ أَنتم إذا مَرِجَ الدِّينُ وظَهَرت الرَّغْبَةُ».