وقال : أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) [البَقَرَة : ١٨٧] : هُما فجرَانِ.
أحدهما : يَبْدُو أَسْوَدَ مُعْترضاً ـ وهو الخَيْطُ الأسود.
والآخرُ يبدو طالعاً مستطيلاً يملأُ الأفُقَ .. فهو الخَيْطُ الأبيضُ.
قال : وحَقِيقَتُهُ : حتَّى يَتَبَيَّنَ لكُم الليلُ والنَّهارُ.
وقال الفرَّاءُ في قوله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) : قال رجلٌ للنّبي صلىاللهعليهوسلم : أَهُوَ الخَيْطُ الأبيضُ والخَيْطُ الأسودُ؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا!! هُوَ اللَّيلُ مِنَ النَّهارِ».
والرجل إذَا عَرُضَ قَفَاهُ قلَّ فهمُهُ.
وأخبرني المنذري ـ عن أبي طالب ـ أنه قال : الخَيْطُ اللَّوْنُ ، واحتجَّ بقول الله عزوجل.
وقال أَبو دُوَادٍ الإيَادِيُّ :
فَلَمَّا أضاءَتْ لَنا سُدْفَةٌ |
وَلَاحَ مِنَ الصُّبْحِ خَيْطٌ أنارَا |
وقَوْلُهُ : أَضاءتْ لَنا سُدْفَةٌ هي ـ ههنا ـ الظُّلْمَةُ.
وَلَاحَ مِنَ الصُّبْحِ ـ أَيْ : بَدَا وَظَهَرَ.
وقال غيرُه : الْخَيْطُ : الْقَطِيعُ من النَّعَامِ ، واحِدُها : خَيْطَى.
وقال لَبِيدٌ :
وَخَيْطاً مِنْ قوَاضِبَ مُؤْلَفَاتٍ |
كَأَنَّ رِئَالَها وَرَقُ الإفَالِ |
وقال الليث : نَعَامَهٌ خَيْطَى .. وَخَيْطُهَا : طُولُ قَصَبِهَا وَعُنُقِهَا.
ويقال : هو ما فيها .. من اخْتِلَاطِ سَوَادٍ في بَيَاضٍ لَازِمٍ لها.
كالْعَيَسِ في الإبلِ الْعِرَابِ.
وقال غيرُه : يقالُ لِلْقَطِيع من النَّعَامِ : خِيطٌ وَخَيْطٌ وخَيْطَى.
وإنما خَيَّطَهَا أَنَّها تَتَقَاطَرُ ، وتَتَابَعُ كالْخَيْطِ الْمَمْدُودِ.
وقال اللَّيْثُ : يقال : خَاطَ فُلانٌ خَيْطَةً واحدةً ـ إذا سَارَ سَيْرَةً ، ولم يَقْطَعِ السَّيْرَ.
وَخَاطَ الحَيَّةُ ـ إذا انْسَابَ عَلَى الأرْضِ.
وأَنشدَ :
وَبَيْنَهُمَا مُلْقَى زِمَامٍ كَأَنَّهُ |
مَخِيطُ شُجَاعٍ آخِرَ اللَّيْلِ ثَائِرِ |
ومخِيطُ الحَيَّةِ : مَزْحَفُها.
وقال غَيْرُهُ : خَاط فلانٌ إلى فُلَانٍ ـ أَيْ : مَرَّ إليْهِ.
ويُقَالُ : خَاطَ فلانٌ بعِيراً بِبَعِيرٍ ـ إذا قَرَنَ بَيْنَهُمَا.
وفي «نوادر الأعْرَاب» : خَاطَ فلانٌ خَيْطاً ـ إذا مَضَى سَرِيعاً.
وتَخَوَّطَ تَخَوُّطاً .. مِثْلُهُ.
وكذلك : مَخَطَ في الأرض مَخْطاً.
أبو عبيد ـ عن الأصمعيِّ ـ خَيَّطَ الشَّيْبُ رَأْسَهُ وفي رأسهِ ولِحْيَتِهِ : صَارَ كَالْخُيُوطِ ، أَوْ ظهَرَ كالْخُيُوطِ ـ مِثْلُ وَخَطَ.