الثاني : أن السؤال عن القائم ، لا عن الفعل ، فالأهم ، تقدم المسؤول عنه ، فالأولى في المثال (إن لا حظية فلا ألية) بالرفع أي إلا يكن لك حظّية من النساء ، فإني لا ألية ، أي غير مقصرة فيما تحظى به النساء عند أزواجهن من الخدمة والتصنع (١) ، و (كان) تامة أو ناقصة ، و (لا) لنفي الجنس ، أو بمعنى (ليس) ، وكلا التقديرين ضعيف لأن شرط الجنسية هنا التكرير والتي بمعنى (ليس) عملها ضعيف ، وروي النصب فيهما على تقدير (إن لا أكن حظية ، فلا أكن ألية) و (كان) ناقصة ، والكلام المشعر به قوله : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ)(٢) على بيانه لما لم يسم فاعله ، كأن قائلا قال من يسبحه؟ فقال رجال ، ولا يصح أن يكون رجال فاعلين ليسبح ، لأن يؤدي إلى أن يكونوا مسبحين (٣).
__________________
(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٧٦ وقولهم هو : (إلا حظية فلا ألية) قال الزمخشري في المفصل ٢٣ ، ومنه المثل (إلا حظية فلا ألية) أي إن لا تكن لك في النساء حظية فإني غير الية) وهذا ما ذهب إليه سيبويه في الكتاب ١ / ٢٦٠ ـ ٢٦١ قال : كأنها قالت في المعني : إن كنت ممن لا يحظى عنده فإني غير ألية ولو عنت بالحظية نفسها لم يكن إلا نصبا إذا جعلت الحظية على التفسير الأول ، وينظر الإيضاح في شرح المفصل ١ / ١٧٨ ، واللسان مادة (حظا) ٢ / ٩٢٠ ، حيث ضبطه بالنصب فحسب (إلا حظية فلا ألية) ومجمع الأمثال ١ / ١٣.
(٢) سورة النور الآية ، ٢٤ / ٣٦ ـ ٣٧ وتمامها : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ [٣٦] رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ.)
قرأ الجمهور (يسبح) بكسر الباء بالياء من تحت ، وابن وثاب وأبو حيوة كذلك ، إلا أنه بالتاء من فوق ، ونافع وابن عمر وأبو عمرو وحمزة يقرؤون بكسر الباء ، وقرأ أبو جعفر تسبّح بالتاء من فوق وفتح الباء ، ينظر القرطبي ٥ / ٤٤٦٧ ، والبحر المحيط ٦ / ٤٢١ ، والكشف ٢ / ١٣٩ وحجة القراءات لابن زنجلة ٥٠١ ، والسبعة في القراءات ٤٥٦.
(٣) ينظر شرح المصنف ٢٠ ـ ٢١.