بكلمة واحدة رباعية
أو خماسية إلاّ وفيها من حروف الذلق أو الشفوية واحد أو اثنان أو أكثر » .
فهو هنا وبحس صوتي جامع مانع : يدرأ
الدخيل والمعرّب والمولّد والمحدث والمبتدع عن لغة العرب ، وتلك ميزة ما بعدها
ميزة في هذا الخضم المتلاطم من الكلمات واللغى.
قال الليث : قلت : فكيف تكون الكلمة
المولدة المبتدعة غير مشوبة بشيء من هذه الحروف؟ فقال نحو :
(الكشعثج والخضعثج والكشعطج وأشباههن )
فهذه مولدات لا تجوز في كلام العرب ، لأنه ليس فيهن شيء من حروف الذلق والشفوية
فلا تقبلن منها شيئاً ، وإن أشبه لفظهم وتأليفهم ، فإن النحارير منهم ربما أدخلوا
على الناس ما ليس في كلام العرب إرادة اللبس والتعنيت » .
وليس جديداً بعد العروض السابقة القول
بأن الخليل كان ضليعاً بكل تفصيلات الجهاز الصوتي عند الإنسان ، ولا يضيره ـ إن صح
ما يقال ـ أن لا يذكر الوترين الصوتيين ، لأنه ليس عالماً بالتشريح ، ولا متخصصاً
بجراحة الحنجرة ، وما اضطلع بمهمة طبية قط ، وما ذكره من أجزاء هذا الجهاز فيه
الكفاية لعصره إن لم نقل للعصور كافة ، لأنه قد تضمن بكثير من الأبعاد الإشارة
لهذه المباحث التي تفرغ لها الأوروبييون.
قال جملة من الأساتيذ :
« ومن أحسن ما عرض له العرب في دراسة
الأصوات ما نجده عند الخليل من وصف الجهاز الصوتي ، وهو الحلق والفم إلى الشفتين ،
وتقسيمه إياه إلى مناطق ومدارج يختص كل منها بحرف أو مجموعة حروف ، وما أشار إليه
من ذوق الحروف لبيان حقيقة المخرج ، فقد هدي بذكائه المتفوق في ذلك إلى مقاييس
صحيحة أقرّ كثيراً منها علماء الأصوات المحدثون » .
__________________