سلّطوا الحجّاج على الحجازيين ، ثمّ على العراقيين ، فتلعّب بالهاشميين ، وأخاف الفاطميين ، وقتل شيعة علي (عليه السّلام) ، ومحا آثار بيت النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وجرى منه ما جرى على كميل بن زياد النخعي (رحمه الله) ، واتصال البلاء مدّة ملك المروانية إلى أيام العباسيّة ، حتّى إذا أراد الله أن يختم مدّتهم بأكثر آثامهم ، ويجعل أعظم ذنوبهم في آخر أيامهم بعث على بقيّة الحقّ المهمل والدين المعطّل زيد بن علي (عليه السّلام) ، فخذله منافقو أهل العراق ، وقتله أحزاب أهل الشام ، وقُتل معه من شيعته نصر بن خزيمة الأسدي ، ومعاوية بن إسحاق الأنصاري ، وجماعة مَنْ شايعه وبايعه ، وحتى مَنْ زوّجه وأدناه ، وحتى مَنْ كلّمه وماشاه. فلمّا انتهكوا ذلك الحريم ، واقترفوا ذلك الإثم العظيم غضب الله عليهم ، وانتزع الملك منهم. ولقد كانت في بني اُميّة مخازي تذكر ومعايب تؤثر ؛ كان معاوية قاتل الصحابة والتابعين ، وأمّه آكلة الأكباد الشهداء الطاهرين ، وابنه يزيد القرود ، مربّي الفهود ، وهادم الكعبة ، ومنهب المدينة ، وقاتل العترة ، وصاحب يوم الحرّة. وكان مروان الوزغ ابن الوزغ لعن النبي (صلّى عليه وعلى آله) أباه وهو في صلبه ، فلحقته لعنة الله ربّه. وكان عبد الملك صاحب الخطيئة التي طبقت الأرض وشملت ، وهي توليته الحجّاج بن يوسف الثقفي فاتك العباد ، وقاتل العبّاد ، ومبيد الأوتاد ، ومخرّب البلاد ، وخبيث أمّة محمد الذي جاء به النذر ، وورد فيه الأثر. وكان الوليد جبّار بني اُميّة ، وولّي الحجّاج على المشرق ، وقرّة بن شريك على المغرب ، وكان سليمان صاحب البطن الذي قتله بطنه كظّة ، ومات سمناً وتخمة. وكان يزيد صاحب سلامة وحبابة ، الذي نسخ الجهاد بالخمر ، وقصر أيام خلافته على العود والزمر ، وأوّل مَنْ أغلى سعر المغنّيات ، وأعلن بالفاحشات. وماذا أقول بمَنْ أعرق في مروان من جانب ، ويزيد بن معاوية من جانب ، فهو ملعون بين ملعونين ، وعريق بالكفر بين كافرين. وكان هشام قاتل زيد بن علي ، مولى يوسف بن عمرو الثقفي ، وكان الوليد بن يزيد خليع بني مروان ، الكافر بالرحمن ، الممزق بالسهام القرآن ، وأول مَنْ قال الشعر في نفي الإيمان ، وجاهر بالفسوق