الباب الثّالث والأربعون
باب التّوكيد
[فائدة التّوكيد]
إن قال قائل :
ما الفائدة في التّوكيد؟ قيل : الفائدة في التّوكيد التّحقيق ، وإزالة التّجوّز في
الكلام ؛ لأنّ من كلامهم المجاز ، ألا ترى أنّهم يقولون : «مررت بزيد» وهم يريدون
المرور بمنزلة ومحلّه ، و «جاءني القوم» وهم يريدون بعضهم؟ قال الله تعالى : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ) وإنّما كان جبريل وحده ؛ فإذا قلت : «مررت بزيد نفسه»
زال هذا المجاز ، وكذلك إذا قلت : «جاءني القوم كلّهم» زال هذا المجاز أيضا ؛ قال
الله تعالى (فَسَجَدَ
الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ) فزال هذا المجاز الذي كان في قوله : (فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ
يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ) ؛ لوجود التّوكيد / فيه / .
[ضربا التّوكيد]
فإن قيل : فعلى
كم ضرب التّوكيد؟ قيل : على ضربين ؛ توكيد بتكرير اللّفظ ، وتوكيد بتكرير المعنى ؛
فأمّا التّوكيد بتكرير اللّفظ ؛ فنحو / قولك / : «جاءني زيد زيد ، وجاءني رجل رجل» وما أشبه ذلك ، وأمّا التّوكيد بتكرير
المعنى ، فيكون بتسعة ألفاظ ؛ وهي «نفسه ، عينه ، كلّه ، أجمع ، أجمعون ، جمعاء ،
جمع ، كلا ، كلتا».
[علّة وجوب تقديم بعض ألفاظ التّوكيد على غيرها]
فإن قيل : فلم
وجب تقديم «نفسه ، وعينه» على «كلّهم ، وأجمعين»؟
__________________