الباب الرّابع والخمسون
باب جمع التّكسير
[علّة جمع فعل في القلّة على أفعل]
إن قال قائل : لم جمع «فعل» ـ بفتح الفاء ، وسكون العين ـ في القلّة على «أفعل» ، وسائر أوزان الثّلاثيّ ، وهي «فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، فعل ، / فعل / (١)» تجمع على : «أفعال»؟ قيل : لأنّ «فعلا» أكثر استعمالا من غيره ، ومن (٢) سائر الأوزان ، و «أفعل» أخفّ من «أفعال» فأعطوا ما يكثر استعماله الأخفّ ، وأعطوا ما يقلّ استعماله الأثقل ؛ ليعادلوا بينهما ؛ فأمّا قولهم : «فرخ وأفراخ ، وأنف وآناف ، وزند وأزناد» في حروف معدودة فشاذّ ، لا يقاس عليه ، على أنّهم قد تكلّموا عليها ، فقالوا : إنّما قالوا في جمع : فرخ : أفراخ ؛ لوجهين :
أحدهما : أنّهم حملوه على معنى «طير» ؛ فكما قالوا في جمع : طير :أطيار ؛ فكذلك ، قالوا في جمع : فرخ : أفراخ ؛ لأنّه في معناه.
والوجه الثّاني : أنّ فيه الرّاء ؛ وهو (٣) حرف تكرير فينزل التّكرير فيها بمنزلة الحركة ؛ فصار بمنزلة «فعل» بفتح العين ؛ فجمع على «أفعال» ك جبل : وأجبال ، وجمل : وأجمال ؛ قال الشّاعر (٤) : [البسيط]
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ |
|
زغب الحواصل لا ماء ولا شجر |
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة |
|
فاغفر عليك سلام الله يا عمر (٥) |
__________________
(١) سقطت من (ط).
(٢) في (س) ومن.
(٣) في (س) وهي.
(٤) الشّاعر هو : الحطيئة ، أبو مليكة ، جرول بن أوس ، كان شاعرا من مخضرمي الجاهليّة والإسلام ، وكان هجاء مرّا ، لم يسلم أحد من لسانه حتّى أمّه ، وزوجه ، ونفسه ؛ له ديوان شعر مطبوع. مات سنة ٣٠ ه. الأعلام ٣ / ٥٩.
(٥) المفردات الغريبة : أفراخ : جمع فرخ ، وهو صغير الطّيور الذي لا يستطيع الطّيران