الباب الثّاني
باب الإعراب والبناء
[لم سمّي الإعراب إعرابا]
إن قال قائل : لم سمّي الإعراب إعرابا ، والبناء بناء؟ قيل : أمّا الإعراب ففيه ثلاثة أوجه ؛ أحدها : أن يكون سمّي بذلك ؛ لأنّه يبيّن المعاني ، مأخوذ من قولهم : أعرب الرّجل عن حجّته ، إذا بيّنها ؛ ومنه قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «الثّيّب تعرب عن نفسها» ؛ (١) أي تبيّن وتوضح ، قال الشّاعر (٢) :[الطّويل]
وجدنا لكم في آل حاميم آية |
|
تأوّلها منّا تقيّ ومعرب |
فلمّا كان الإعراب يبيّن المعاني ، سمّي إعرابا.
والوجه الثّاني : أن يكون سمّي إعرابا ؛ لأنّه تغيّر يلحق أواخر الكلم ، من قولهم : «عربت معدة الفصيل» إذا تغيّرت ؛ فإن قيل : «العرب» في قولهم : عربت معدة الفصيل ؛ معناه : الفساد ؛ وكيف يكون الإعراب مأخوذا منه؟ قيل : معنى قولك : أعربت الكلام ؛ أي : أزلت عربه ، وهو فساده ، وصار هذا ؛ كقولك : أعجمت الكتاب ، إذا أزلت عجمته ، وأشكيت الرّجل ، إذا أزلت شكايته ، وعلى هذا ، حمل بعض المفسّرين قوله تعالى : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها)(٣) ؛ أي : أزيل خفاءها ؛ وهذه الهمزة تسمّى : همزة السّلب. والوجه
__________________
(١) حديث : أخرجه أحمد وابن ماجه ، ورواه مسلم والنّسائي بلفظ : «الثّيّب أحقّ بنفسها من وليّها». الجامع الصّغير ، للسيوطي ؛ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد (ط. أولى.
القاهرة : مك مصطفى محمد ، ١٣٥٢ ه) ؛ مج ١ ، ص ٤٨٧.
(٢) الشّاعر هو : أبو المستهلّ ، الكميت بن زيد الأسديّ ، شاعر مقدّم عالم بلغات العرب وأخبارها ، وخطيب فارس. وكان متعصّبا لمضر ولأهل الكوفة ولآل البيت ؛ من مختارات شعره الهاشميّات. مات سنة ١٢٦ ه. الشّعر والشّعراء ٢ / ٥٨١. ومعنى البيت واضح ، لا لبس فيه.
(٣) س : ٢٠ (طه ، ن : ١٥ ، مك).