الباب التّاسع والثّلاثون
باب «حتّى»
[أوجه حتّى]
إن قال قائل : على كم / وجه / (١) تستعمل «حتّى»؟ قيل : على ثلاثة أوجه :
الأوّل : أن تكون حرف جرّ ك «إلى» ؛ نحو قوله تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٢) وما بعدها مجرور بها في قول جماعة النّحويّين ، إلّا في قول شاذّ لا يعرّج عليه ، وهو ما قد حكي عن بعضهم أنّه قال : إنّه مجرور بتقدير «إلى» (٣) بعد «حتى» (٤) ؛ وهو قول ظاهر الفساد.
والوجه الثّاني : أن تكون عاطفة حملا على الواو ؛ نحو : «جاءني القوم حتى زيد ، ورأيت القوم حتى زيدا ، ومررت بالقوم حتى زيد».
[علّة حمل حتّى على الواو]
فإن قيل : فلم حملت «حتّى» على الواو؟ قيل : لأنّها أشبهتها ، ووجه الشّبه بينهما أنّ أصل «حتّى» أن تكون غاية ، وإذا كانت غاية ، كان ما بعدها داخلا في حكم ما قبلها ، ألا ترى أنّك إذا قلت : (جاءني القوم حتى زيد» كان زيد داخلا في المجيء ، كما لو قلت) (٥) : «جاءني القوم وزيد»؟ فلمّا أشبهت الواو في هذا المعنى ؛ جاز أن تحمل عليها.
[وجوب كون المعطوف ب «حتّى» من جنس المعطوف عليه]
فإن قيل : فلم إذا كانت عاطفة ، وجب أن يكون ما بعدها من جنس ما قبلها ، ولا يجب ذلك في الواو؟ قيل : لأنّها لمّا كانت الغاية والدّلالة على أحد
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) س : ٩٧ (القدر : ٥ ، مك).
(٣) في (س) مجرور ب «إلى».
(٤) في (س) تقديره : حتّى انتهى إلى مطلع الفجر.
(٥) سقطت من (س).