______________________________________________________
وطلبا. ومنهم من جعله ثلاثة أنواع : خبرا وطلبا وإنشاء وهو رأي المصنف وعليه قرر كلامه. ولسنا الآن بصدد تحرير الأقوال المذكورة وتبيين الصحيح منها ؛ إذ الأمر في ذلك موكول إلى نظر غير صاحب هذا العلم (١).
غير أنّا نمشي مع المصنف هنا على رأيه.
أما الطلب (٢) ، فيلزم كون زمانه مستقبلا ، وأما الخبر فيجوز كون زمانه حالا ، ومستقبلا وماضيا ، وأما الإنشاء فيلزم كون زمانه حالا.
ولكل من الطلب والخبر صيغة واحدة مختصة به وضعا ، وأما الإنشاء فليس له صيغة مختصة به ؛ بل يستعمل فيه الصيغة الدالة على الخبر بقرينة.
ثم إن كلّا من صيغتي الطلب والخبر إما أن ينقل عن موضعه الأصلي ، فيراد بالطلب الخبر وبالخبر الطلب ، وإما أن لا ينقل.
والذي ينقل : منه ما لا يجوز التجوز فيه بالنسبة إلى زمانه ، ومنه ما يجوز أن يتجوز فيه بالنسبة [١ / ٣٣] إلى زمانه ، فيراد به زمان غير زمانه المقصود بالوضع بقرينة ، فإن حصل نقل صار الحكم في زمان الصيغة المنقولة حكم ما نقلت إليه. فإذا استعملت صيغة الطلب في الخبر ، صار الاستقبال جائزا بعد أن كان لازما.
وإذا استعملت صيغة الخبر في الطلب ، انعكس الحكم ؛ فيصير الاستقبال لازما بعد أن كان جائزا ، وهذا القسم لم يتعرض له المصنف هنا ؛ إذ ليس مقصوده ، وقد تعرض لشيء من ذلك في باب التعجب ، فقال بعد ذكره صيغة أفعل وأن معناها الخبر ما نصه :
«واستفيد الخبر من الأمر هنا وفي جواب الشرط ، كما استفيد الأمر من مثبت الخبر ، والنهي من منفيّه» (٣). ـ
__________________
(١) قال الخطيب القزويني ، في كتابه الإيضاح (ص ١٠) : الكلام إما خبر أو إنشاء ؛ لأنه إما أن يكون لنسبته خارج تطابقه أو لا تطابقه أو لا يكون لها خارج. الأول : الخبر ، والثاني : الإنشاء ، ثم تحدث عن الخبر وما يخصه. وفي حديثه عن الإنشاء قال (ص ٧٨): «الإنشاء ضربان : طلب وغير طلب.
والطلب يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب ؛ لامتناع تحصيل الحاصل. وهو المقصود بالنظر هنا.
وأنواعه كثيرة» ثم شرحها ، فظهر من ذلك أنه جعل الإنشاء قسيما للخبر وهو المشهور.
(٢) في هامش نسخة (ب) ، كتب قارئ عن البحث الآتي هذه العبارة : مطلب نفيس.
(٣) انظر تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد (ص ١٣٠).