[المختار في مواضع جواز الاتصال والانفصال]
قال ابن مالك : (ويختار اتّصال نحو هاء أعطيتكه ، وانفصال الآخر من نحو فراقيها ومنعكها وخلتكه ، وكهاء أعطيتكه هاء كنته ، وخلف ثاني مفعولي نحو : أعطيت زيدا درهما في باب الإخبار).
______________________________________________________
قال ناظر الجيش : لما ذكر ضابط ما يجوز فيه الاتصال والانفصال ، وكان بعضه مختار الاتصال وبعضه مختار الانفصال ، أخذ في بيان ذلك ، وقد تقدم أن الأمرين جائزان في ستة أبواب ذكر المصنف منها في المتن خمسة (١). والسادس ذكره في الشرح : وهو ما كان فيه أول الضميرين مجرورا (٢) ، وهما معمولان لاسم فاعل.
وأما ما فيه خلف ثاني المفعولين في باب الإخبار فهو من فروع باب أعطيتكه ، فلا يعد قسما زائدا.
وأشار بنحو هاء أعطيتكه (٣) إلى ما كان ثانيا من ضميرين [١ / ١٦٦] منصوبين بفعل غير قلبي ، فإنه جائز فيه الاتصال والانفصال ، واتصاله أجود ؛ ولذلك لم يأت في القرآن إلا متصلا كقوله تعالى : (إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ)(٤).
قال المصنف (٥) : «وظاهر كلام سيبويه أنّ الاتصال لازم (٦) ويدلّ على عدم ـ
__________________
(١) في نسخة (ب) : ذكر المصنف منها خمسة في المتن.
(٢) في النسخ : مجرور (بالرفع) والصحيح ما أثبتناه (خبر كان). وما ذكره مسألة ستأتي مشروحة.
(٣) هذا هو الباب الأول من الستة التي وعد بشرحها.
(٤) سورة الأنفال : ٤٣.
(٥) شرح التسهيل (١ / ١٥٣).
(٦) هذا هو نص كلام سيبويه والرأي كما حكاه المصنف عنه يقول (الكتاب : ٢ / ٣٦٣): «فإذا كان المفعولان اللّذان تعدّى إليهما فعل الفاعل مخاطبا وغائبا فبدأت بالمخاطب قبل الغائب ، فإن علامة الغائب العلامة الّتي لا تقع موقعها إيّا ، وذلك قولك : أعطيتكه وقد أعطاكه ، وقال عزوجل : (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) [هود : ٢٨] ، فهذا هكذا إذا بدأت بالمخاطب قبل الغائب ، وإنما كان المخاطب أولى بأن يبدأ به من قبل أنّ المخاطب أقرب إلى المتكلّم من الغائب ، فكما كان المتكلّم أولى بأن يبدأ بنفسه قبل المخاطب ، كان المخاطب الّذي هو أقرب إلى الغائب أولى بأن يبدأ به من الغائب».
«فإن بدأت بالغائب فقلت أعطاهوك فهو في القبح ، وإنّه لا يجوز بمنزلة الغائب والمخاطب إذا بدئ بهما قبل المتكلّم». كتاب سيبويه (٢ / ٣٦٤).