الأسماء ما كان مشابها له ومتضمنا معناه كاسم الفاعل والصفة المشبهة به نحو «ضارب ، وقاتل ، وحسن ، وكريم» وما أشبه ذلك ، وما وقع الخلاف فيه ليس بينه وبين الفعل مشابهة بحال ، ألا ترى أنك إذا قلت «زيد أخوك» كان أخوك دليلا على الشخص الذي دل عليه زيد ، وليس فيه دلالة على الفعل ، فكذلك إذا قلت «عمرو غلامك» كان غلامك دليلا على الشخص الذي دلّ عليه عمرو ، وليس فيه دلالة على الفعل ؛ فوجب أن لا يجوز الإضمار فيه [٣١] ، كما لا يجوز في زيد وعمرو.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : قولهم «إنما قلنا إنه يتضمن الضمير وإن كان اسما محضا لأنه في معنى ما يتضمن الضمير لأن أخوك في معنى قريبك ، وغلامك في معنى خادمك» قلنا : هذا فاسد ؛ لأنه إنما جاز أن يكون قريبك وخادمك متحملا للضمير لأنه يشابه الفعل لفظا ويتضمنه معنى ، وهو الأصل في تحمل الضمائر ، ولا شبهة في مشابهة اسم الفاعل والصفة المشبهة به للفعل ، ألا ترى أن «خادم» على وزن «يخدم» في حركته وسكونه وأن فيه حروف خدم الذي هو الفعل ، وكذلك «قريب» فيه حروف قرب الذي هو الفعل ؛ فجاز أن يتضمن الضمير ، فأما أخوك وغلامك فلا شبهة في أنه لا مشابهة بينه وبين الفعل بحال ، فينبغي أن لا يتحمل الضمير ، وكونه في معنى ما يشبه الفعل لا يوجب شبها بالفعل ، ألا ترى أن حروف «أخوك ، وغلامك» عارية من حروف الفعل الذي هو قرب وخدم ؛ فينبغي أن لا يتحمل الضمير ، ألا ترى أن المصدر إنما عمل عمل الفعل نحو «ضربي زيدا حسن» لتضمنه حروفه ، فلو أقمت ضمير المصدر مقامه فقلت «ضربي زيدا حسن وهو عمرا قبيح» لم يجز وإن كان ضمير المصدر في معناه (١) ؛ لأن المصدر إنما عمل الفعل لتضمنه حروفه ، وليس في ضمير المصدر لفظ الفعل ؛ فلا يجوز أن يعمل عمله ، فكذلك هاهنا : إنما جاز أن يتحمل نحو «قريبك ، وخادمك» الضمير لمشابهته للفعل وتضمنه لفظه ، ولم يجز ذلك في نحو «أخوك» و «غلامك» لأنه لم يشابه الفعل ولم يتضمن لفظه ، والله أعلم.
__________________
(١) هذه مسألة خلافية بين الفريقين ، وما كان ينبغي أن يحتج عليهم بما هو مذهبه دون مذهبهم.