فقال فريق القوم لمّا نشدتهم : |
|
نعم ، وفريق : ليمن الله ما ندري |
ويدل عليه أنهم قالوا في أيمن الله «م الله» ولو كان جمعا لما جاز حذف جميع حروفه إلا حرفا واحدا ؛ إذ لا نظير له في كلامهم ، فدلّ على أنه ليس بجمع ، فوجب أن يكون مفردا.
وأما ما ذكروه من كونها همزة وصل لكثرة الاستعمال فسنبيّن أنه حجّة عليهم في الجواب عن كلماتهم ، إن شاء الله تعالى.
أما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما قولهم «إنه جمع يمين ، بدليل أنه على وزن أفعل ، وأفعل وزن يختص به الجمع ، ولا يكون في المفرد» قلنا : لا نسلّم ؛ بل قد جاء ذلك في المفرد ؛ فإنهم قالوا : رصاص آنك ، وهو الخالص ، وقالوا «أسنمة» اسم موضع وأكمة ، و «أشدّ» على الصحيح ، وهو منتهى [١٧٨] الشباب والقوة ، وقيل : هو الحلم ، وقيل : عشرون سنة ، وقيل : ثلاث وثلاثون سنة ، وقيل : أربعون سنة.
وقولهم «الأصل في الهمزة أن تكون همزة قطع لأنه جمع يمين» قلنا : لو كانت الهمزة فيه همزة قطع لما جاز فيه كسر الهمزة فقيل «إيمن الله» لأن ما جاء من الجمع على وزن أفعل لا يجوز فيه كسر الهمزة ، فلما جاز هاهنا بالإجماع كسر الهمزة دل على أنها ليست همزة قطع.
وأما قولهم «إنها لو كانت همزة وصل لكان ينبغي أن تكون مكسورة» قلنا : إنما جاءت مفتوحة ـ وإن كان القياس يقتضي أن تكون مكسورة ـ لأنهم لما كثر استعماله في كلامهم فتحوا فيه الهمزة لأنها أخف من الكسرة كما فتحوا الهمزة التي تدخل على لام التعريف ـ وإن كان الأصل فيها الكسر ـ لكثرة الاستعمال ، فكذلك هاهنا.
وأما قولهم «إن الهمزة ثبتت في قولهم أم الله لأفعلنّ مع تحرك ما بعدها» قلنا : إنما ثبتت الهمزة فيه من وجهين ؛ أحدهما : أن الأصل في الكلمة «أيمن» فالهمزة داخلة على الياء وهي ساكنة ، فلما حذفت ـ وحذفها غير لازم ـ بقي حكمها. والثاني : أن حركة الميم حركة إعراب ، وليست لازمة وتسقط في الوقف ؛ فلذلك ثبتت همزة الوصل.
والدليل على ذلك أن العرب تقول في الأحمر : «ألحمر» فلا يحذفون همزة الوصل ؛ لأن حركة اللام ليست بلازمة ، وبعض العرب يحذفون الهمزة لتحرك ما بعدها ، على أن من العرب من يقول «م الله» فيحذف الهمزة ، وفيها لغات كثيرة تنيف على عشر لغات : أيمن الله ، وإيمن الله ، وأيم الله ، وإيم الله ، وأم الله ، وم