وقال الآخر وهو عقيبة الأسدي :
[٢٠٧] معاوي إنّنا بشر فأسجح |
|
فلسنا بالجبال ولا الحديدا |
فنصب «الحديد» حملا على موضع «بالجبال» لأن موضعها النصب بأنها خبر ليس ، ومن زعم أن الرواية «ولا الحديد» بالخفض فقد أخطأ ؛ لأن البيت الذي بعده :
أدبروها بني حرب عليكم |
|
ولا ترموا بها الغرض البعيدا |
والرويّ المخفوض لا يكون مع الرويّ المنصوب في قصيدة واحدة ؛ وقال العجاج :
[٢٠٨] كشحا طوى من بلد مختارا |
|
من يأسة اليائس أو حذارا |
______________________________________________________
[٢٠٧] هذا البيت والبيت الذي رواه المؤلف بعد قليل على أنه تال لهذا البيت لتبيين قافية الكلمة وأنها منصوبة ، هما من كلام لعقيبة بن هبيرة الأسدي يقوله لمعاوية بن أبي سفيان يشكو إليه جور عماله ، وهما من شواهد سيبويه (١ / ٣٤ و ٣٥٢ و ٣٧٥ و ٤٤٨) وابن هشام في مغني اللبيب (رقم ٧٤٠) ورضي الدين في أثناء باب توابع المنادى من شرح الكافية ، وشرحه البغدادي في الخزانة (١ / ٣٤٣) واعلم أولا أن قصيدة عقيبة بن هبيرة الأسدي رويها مجرور ، وهي تروى هكذا :
معاوي إننا بشر فأسجح |
|
فلسنا بالجبال ولا الحديدا |
أكلتم أرضنا فجرزتموها |
|
فهل من قائم أو من حصيد |
أتطمع في الخلود إذا هلكنا |
|
وليس لنا ولا لك من خلود؟ |
وقد روى سيبويه البيتين اللذين رواهما المؤلف بالنصب ، وقال الأعلم «وقد رد على سيبويه رواية البيت بالنصب ؛ لأن البيت من قصيدة مجرورة معروفة ، وبعده ما يدل على ذلك ، وهو قوله :
* أكلتم أرضنا فجرزتموها ـ البيت*
وسيبويه غير متهم فيما نقله رواية عن العرب ، ويجوز أن يكون البيت من قصيدة منصوبة غير هذه المعروفة ، أو يكون الذي أنشده رده إلى لغته فقبله منه سيبويه ، فيكون الاحتجاج بلغة المنشد ، لا بقول الشاعر» اه كلامه ، ومنه يتبين أن الذي كان في نسخة كتاب سيبويه التي كانت بيد الأعلم بيت واحد ؛ فالظاهر أن نقلة كتاب سيبويه أضافوا البيت الثاني ليظهر أن ثمة قصيدة بالنصب وأن البيت من هذه القصيدة ، ومحل الاستشهاد قوله «ولا الحديدا» حيث نصب المعطوف نظرا إلى موضع المعطوف عليه ، قال سيبويه «ومما جاء من الشعر في الإجراء على الموضع قول عقيبة الأسدي ، وأنشد البيتين» اه وقال الأعلم : «استشهد به على جواز المعطوف على موضع الباء وما عملت فيه ؛ لأن معنى لسنا بالجبال ولسنا الجبال واحد» اه.
[٢٠٨] الكشح ـ بفتح الكاف وسكون الشين ـ ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف ، وهو موضع السيف من المتقلد ، ويقال «طوى فلان كشحه على الأمر» إذا استمر ودام عليه ، ويقال ـ