وقال الآخر :
[٩٨] أعان عليّ الدّهر إذ حلّ بركه |
|
كفى الدّهر لو وكّلته بي كافيا |
وكذلك قالوا «بحسبك زيد ، وما جاءني من أحد» وقال الشاعر :
[٩٩] بحسبك أن قد سدت أخزم كلّها |
|
لكلّ أناس سادة ودعائم |
وقال الآخر :
[١٠٠]بحسبك في القوم أن يعلموا |
|
بأنّك فيهم غنيّ مضرّ |
______________________________________________________
[٩٨] لم أعثر لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين ، وأعان عليّ الدهر : كان معه ينصره ويناوئني ، وأصل البرك ـ بفتح الباء وسكون الراء ـ الإبل الكثيرة ، أو الباركة ، ومنه قول متمم بن نويرة :
إذا شارف منهن قامت ورجعت |
|
حنينا فأبكى شجوها البرك أجمعا |
والاستشهاد بالبيت في قوله «كفى الدهر كافيا» حيث جاء بفاعل كفى التي بمعنى حسب غير مقترن بالباء الزائدة على نحو ما أوضحناه لك في البيتين السابقين.
[٩٩] هذا البيت ثالث أربعة أبيات رواها أبو تمام في ديوان الحماسة ، ولم يعزها ولا عزاها التبريزي ولا المرزوقي في شرحيهما ، وحسبك : أي كافيك ومجزئك ومغنيك ، وسدت : فعل ماض من السيادة ، وهي الرياسة ، وأخزم : رهط حاتم ، قال المرزوقي (ص ١٤٦٨) : «والمعنى : كافيك أن ترأست على أخزم ـ وأخزم رهط حاتم ـ ثم أزرى برياسته وبهم فقال : ولكل طائفة من الناس رؤساء وعمد ، وهذا يجري مجرى الإلتفات ، كأنه بعد ما قال ذلك التفت إلى من حوله يؤنسهم ويقول : ليس ذا بمنكر فلكل قوم من يسوسهم ويدعمهم» اه. والاستشهاد بالبيت في قوله «بحسبك» حيث زيدت الباء في المبتدأ الذي هو حسب الذي بمعنى كافيك ، وخبره هو المصدر المؤول من أن المخففة وما وليها ، وكأنه قال : كافيك سيادتك أخزم كلها ، والباء لا تزاد في المبتدأ إلا أن يكون المبتدأ هو لفظ حسب ، ولهذا البيت نظائر كثيرة في النثر ، والنظم ، فمن ذلك قوله عليه الصلاة والسّلام «بحسب المرء إذا رأى منكرا لا يستطيع له تغييرا أن يعلم الله أنه له منكر» وقوله «بحسب امرىء من الإيمان أن يقول : رضيت بالله ربا ، وبمحمد رسولا ، وبالإسلام دينا» وقوله صلوات الله عليه : «بحسب امرىء من الشر أن يشار إليه بالأصابع في دين أو دنيا إلا من عصمه الله» وفي مثل من أمثال العرب «بحسبها أن تمتذق رعاؤها».
[١٠٠] هذا البيت من كلام الأشعر الرقبان الأسدي ـ وهو أحد شعراء الجاهلية ـ يهجو ابن عمه واسمه رضوان ، وقد رواه ثاني أربعة أبيات ابن منظور في لسان العرب (ض ر ر) وأنشده ابن يعيش (ص ١٠٨٦ و ١١٩٠) وأنشده الميداني في مجمع الأمثال (١ / ٦٦ بتحقيقنا) والمضر ـ بضم الميم وكسر الضاد ـ الذي يروح عليه ضرة من المال ، والضرة ـ بفتح الضاد وتشديد الراء ـ الكثير من المال ، وقيل : هو الكثير من الماشية خاصة ، والاستشهاد بالبيت في قوله «بحسبك أن يعلموا» ومعناه كافيك علم القوم ، وذلك حيث زاد الباء في