وأما قولهم «إنه لا يجوز أن تقاس ليس على ما» قلنا : قد [٧٦] بيّنا وجه المناسبة بينهما واتفاقهما في المعنى ؛ لأن كل واحد منهما لنفي الحال كالآخر.
وقولهم «إن ليس تخالف ما ؛ لأنه يجوز تقديم خبر ليس على اسمها ، بخلاف ما» قلنا : ليس من شرط القياس أن يكون المقيس مساويا للمقيس عليه في جميع أحكامه ، بل لا بد أن يكون بينهما مغايرة في بعض أحكامه.
قولهم «فإذا جاز أن تخالفها في تقديم خبرها على اسمها جاز أن تخالفها في تقديم خبرها عليها» قلنا : هذا لا يلزم ؛ لأن «ليس» أخذت شبها من كان ؛ لأنها فعل كما أنها فعل ، وشبها من ما لأنها تنفي الحال كما أنها تنفي الحال ، وكان يجوز تقديم خبرها عليها ، وما لا يجوز تقديم خبرها على اسمها ، فلما أخذت شبها من كان وشبها من ما صار لها منزلة بين المنزلتين ، فجاز تقديم خبرها على اسمها ؛ لأنها أقوى من ما ؛ لأنها فعل وما حرف ، والفعل أقوى من الحرف ، ولم يجز تقديم خبرها عليها ؛ لأنها أضعف من كان ؛ لأنها لا تتصرف وكان تتصرف ، وهذا في غاية الوضوح والتحقيق ، والله أعلم.