عامر وحمزة والكسائي والأعمش وخلف (فَنَعِمّا) ـ بفتح النون وكسر العين ـ وكما
قال طرفة :
[٧٢] ما
أقلّت قدم ناعلها
|
|
نعم السّاعون
في الأمر المبرّ
|
______________________________________________________
[٧٢] هذا البيت
من كلام طرفة بن العبد البكري (د ٧٣) وقد أنشده الرضي في شرح الكافية (٢ / ٢٩٠)
وشرحه البغدادي في الخزانة (٤ / ١٠١) وابن منظور في اللسان (ن ع م) وقد اختلفت
الرواية في صدر هذا البيت اختلافا كثيرا ؛ فيروى :
* ما أقلت قدم ناعلها*
وهي رواية
المؤلف هنا ، ويروى :
* ما أقلت قدماي إنهم*
وهي رواية ابن
منظور ، ويروى :
* ما أقلت قدمي إنهم*
وعلى الروايتين
الأخيرتين يكون مفعول أقلت محذوفا ، والتقدير ، ما أقلتني قدماي ، أو ما أقلتني
قدمي ، و «ما» مصدرية ظرفية ، وأقلت : معناه حملت أو رفعت ، والقدم ـ بالتحريك ـ الرجل
، والناعل : لابس النعل ، وجملة «إنهم نعم الساعون ـ الخ» للتعليل ، والساعون : جمع
ساع ، والأمر المبر : الذي يعجز الناس عن دفعه ؛ لأنه يفوق طاقتهم ويزيد على قدر
ما يحتملونه ، ويروى :
* نعم الساعون في القوم الشطر*
والشطر ـ بضم
الشين والطاء جميعا ـ جمع شطير ، ويراد به هنا الغرباء ، وأصل الشطير الناحية ،
وسمي الغريب به لأن كل من بعد عن أهله يأخذ في ناحية من نواحي الأرض ، والاستشهاد
به في قوله «نعم الساعون» حيث استعمل هذا الفعل على ما هو الأصل فيه بفتح النون
وكسر العين ، على مثال علم وفهم وضحك ، وإنما قالوا فيه «نعم» بكسر النون وسكون
العين للتخفيف ، وذلك أن حرف الحلق في ذاته ثقيل ، والكسرة ثقيلة أيضا ، ولهذا يفر
العرب في كل كلمة ثلاثية مفتوحة الأول مكسورة الثاني إذا كان الحرف الثاني من حروف
الحلق ـ وهي الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء ـ إلى تغيير هذه الزنة إلى
واحد من ثلاثة أوزان : الأول : أن يسكنوا الحرف المكسور ويبقوا ما عداه على حاله ،
فيقولون : نعم ، وضحك ، وفهم ، وبأس ـ بفتح أوائل هذه الأفعال وسكون ثانيها ،
والثاني : أن يسكنوا الحرف المكسور بعد أن ينقلوا كسرته إلى الحرف الأول ، فيقولون
: نعم ، وضحك ، وفهم ، وبئس ـ بكسر أوائل هذه الكلمات وسكون ثانيها ـ والثالث : أن
يبقوا الثاني مكسورا على حاله ، ويكسروا الأول إتباعا لثانية ، فيقولون : نعم ،
وضحك ، وفهم ، وبئس ـ بكسر أوائل هذه الكلمات وكسر ثانيها أيضا ، فإن قلت : فقد
ذكرت أن الكسرة ثقيلة ، وهم إنما خرجوا بهذا النوع من الكلمات عن أوزانها الأصلية
إلى أوزان أخرى غير أصلية قصدا إلى التخفيف ، وفرارا من الثقل الذي جلبه أمران :
كون ثاني الكلمة من حروف الحلق المستفلة التي يشبه النطق بها التهوع ، وكون هذا
الحرف مكسورا ، فكيف يجيئون بكسرة أخرى وهي ثقيلة فيزيدوا الكلمة ثقلا؟ فالجواب عن
هذا أن من أسباب