ويبدو أن
الأمويين كانوا يجاملون بعض الصحابة والتابعين كأنس بن مالك وابن عباس وعلي ابن
الحسين ومحمد بن علي الباقر وغيرهم في وضوئهم ، فلم يواجهوهم بالعنف ، وإن كانوا
في ظروف أخرى يواجهون بعضا آخر بالعنف ، كما في حديث أبي مالك الأشعري ، وكيف كان خائفا من بيان وضوء النبي أو صلاته لقومه.
العباسيّون والوضوء
لقد قامت
الدولة العباسية على أكتاف شعار «الرضا من آل محمد» ، وكان الناس قد التفّوا حولها
وأيّدوها باعتبارها الدولة المنتصرة للحق ، وقد قضى أبو العباس السفاح فترة حكومته
منشغلا بتصفية الخصوم الأمويين وأذيالهم ، فكان في معزل عن الصراعات الفقهية وعن
الكفة العلوية بالذات.
ولكن لما آل
الأمر إلى أبي جعفر المنصور العباسي اختلفت الموازين ـ بعد أن ثبتت أركان الدولة ـ
فقد راح يشتري الفقهاء بالصلات والهدايا والمناصب وكراسي القضاء وو و .. ولكنه
وأتباعه عجزوا عن أبي حنيفة ، فضايقوه ونكّلوا به بلا جدوى ، إلّا أنهم أفلحوا من
بعد في استدراج تلميذه القاضي أبي يوسف.
وقد بقي الإمام
جعفر بن محمد الصادق رائد مدرسة التعبد المحض آن ذاك ، وصاحب الوضوء الثنائي
المسحي ، حجر عثرة في طريق المنصور والعباسيين ، فراح المنصور يتّخذ شتى الأساليب
محاولا إفحامه.
فدعا المنصور
أبا حنيفة لإعجاز الإمام بمسائل عويصة ولكنّه لم يفلح ، بل أذعن أبو حنيفة بأن
الصادق عليهالسلام أعلم الناس .
فأخذ المنصور
يدعو إلى الأخذ بمذهب مالك ، فدعاه وأمره بتدوين العلم
__________________