وجعله علما واحدا يحمل الناس عليه (١) ، راسما له المنهج في أن لا يقلّد عليّا وابن عباس ، وأن يأخذ بأقوال ابن عمر وإن خالف عليا وابن عباس (٢) ، علما بأنّ مالكا كان ينفرد بتفصيل الخلفاء الثلاثة على سائر الصحابة ، والحكومة لا تعدّ عليّا إلّا كسائر الناس (٣).
وهذا المخطط الفقهي العقائدي المحموم من المنصور ، طال الوضوء النبوي أيضا ، فالتزم المنصور بالوضوء العثماني الغسلي الثلاثي ، وترك الوضوء النبوي ـ المسحي الثنائي ـ الذي صار من جملة الفروع الفقهية التي يعرف بها الشيعة.
المنصور والوضوء
فعن داود الرقي ، قال : دخلت على أبي عبد اللّٰه ـ أي الصادق عليهالسلام ـ فقلت له :جعلت فداك كم عدّة الطهارة؟
فقال : «ما أوجبه اللّٰه فواحدة ، وأضاف إليها رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله واحدة لضعف الناس ، ومن توضأ ثلاثا ثلاثا فلا صلاة له» ، أنا معه في ذا حتّى جاءه داود بن زربي ، فسأله عن عدّة الطهارة؟ فقال له : «ثلاثا ثلاثا ، من نقص عنه فلا صلاة له»!!.
قال : فارتعدت فرائصي ، وكاد أن يدخلني الشيطان ، فأبصر أبو عبد اللّٰه إليّ وقد تغيّر لوني ، فقال : «اسكن يا داود ، هذا هو الكفر أو ضرب الأعناق».
قال : فخرجنا من عنده ، وكان ابن زربي إلى جوار بستان أبي جعفر المنصور ، وكان قد ألقي إلى أبي جعفر أمر داود بن زربي ، وأنّه رافضيّ يختلف إلى جعفر بن محمد.
فقال أبو جعفر المنصور : إنّي مطّلع إلى طهارته ، فإن هو توضّأ وضوء جعفر بن محمد ـ فإني لأعرف طهارته ـ حقّقت عليه القول وقتلته.
__________________
(١) وضوء النبي صلىاللهعليهوآله : ٢٩٠ ـ ٢٩١.
(٢) الطبقات الكبرى ٤ : ١٤٧ ، وانظر الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ١ : ٥٠٤.
(٣) موقف الخلفاء العباسيين : ١٧٠.