البحث الدلالي
لم يستدل أحد بهذا الخبر في بيان صفة وضوء رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، بل كلما فيه هو بيان لكيفية تمسح المرأة رأسها ، وأنّ عائشة لم تبين حكم الأرجل فيه ، وقد يكون المباركفورى (١) ترك التمسك بهذا الخبر لعدم تماميته ، أو لأمر آخر كان يلحظه.
نسبة الخبر إليها
قد مر عليك سابقا مخالفة عائشة بنت أبي بكر لأخيها عبد الرحمن في الوضوء ـ يوم وفاة سعد بن أبي وقاص المتوفى سنة ٥٥ ه ـ وقولها لها : يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فاني سمعت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يقول : ويل للأعقاب من النار (٢) ، وقد قلنا بأنّها لو أرادت ـ على فرض صحة النسبة إليها ـ الاستفادة من كلمة (الإسباغ) و (ويل للأعقاب) للدلالة على لزوم غسل القدمين ، لاجبناها بان لا دلالة لهاتين الكلمتين على مطلوبها .. ، بل في كلامها تنويه إلى ثبوت المسح عندها عن رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، لأنّها لو كانت قد رأت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله غسل رجليه للزمها القول : يا عبد الرحمن اغسل رجليك فإني رأيت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يغسلهما. لا أن تستدل بقوله صلىاللهعليهوآله (ويل للأعقاب من النار) وحيث أنّها لم تر رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله قد غسل رجليه فقد استدلت على وجوب الغسل انتزاعا من قوله (ويل للأعقاب) ودلالة هذا على لزوم الغسل.
وإنّ تشكيك أمثال المباركفوري في صحة انتساب الوضوء الغسلي إلى عائشة ، قد يأتي للأمور التالية :
الأولى : عدم صحة الطرق إليها.
الثانية : الثابت عن الأمويين أنّهم كانوا يدعون الناس إلى الأخذ بفقه عثمان
__________________
(١) انظر كلامه في تحفة الاحوذي لشرح الترمذي ١ : ١٣٦.
(٢) صحيح مسلم ١ : ٢١٣ / ٢٥ ، الموطأ ١ : ١٩ / ٥ ، شرح معاني الآثار ١ : ٣٨ / ١٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٥٤ / ٤٥٢ ، المصنّف لعبد الرزاق ١ : ٢٣ / ٦٩ ، والحميدي في مسنده عن ابن عيينة ، مسند احمد ٦ : ١١٢ ، وغيره.