عليه ، مع معرفتها بأنّ عترة الرسول لا يقبلون بنقلها للوضوء الغسلي ، إذ أن ابن عباس قد استدل على سقم رأيها بالقرآن الكريم ، وفي اعتراضه إشارة إلى عدم قبول نسبة الغسل إلى رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، ثمّ تراه رحمه اللّٰه ـ في نص آخر ـ يستدل عليها بالرأي إلزاما لها ـ أو لهم ـ بما ألزموا به أنفسهم ، لسقوط العضوين الممسوحين في التيمم.
وهذا يؤكد الدعم الأموي عبر أقطابه ومحدثيه للوضوء العثماني الغسلي.
٣ ـ ووصل الأمر في الوضوء الغسلي إلى أن يتبناه الحجاج ـ وهو بعيد عن الدين بعد الأرض عن السماء ـ ويعلن به من على المنبر.
فقد أخرج الطبري بسنده إلى حميد ، قال : قال موسى بن أنس لأنس ونحن عنده : يا أبا حمزة ، إنّ الحجّاج خطبنا بالأهواز ونحن معه نذكر الطهور ، فقال : اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلكم ، وأنّه ليس من ابن آدم أقرب إلى خبث من قدميه ، فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما .. فقال أنس : صدق اللّٰه وكذب الحجاج ، قال تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) (١).
وهذا ـ الإعلان و ـ الاستدلال من الحجّاج يدلّ على تبني الأمويين للوضوء العثماني من جهة ، كما يدلّ على تحكيم الاجتهاد والرأي في الوضوء في جهة مقابلة تماما لوضوء النبي والإمام علي ، ففي حين يؤكد علي بن أبي طالب على أنّ الوضوء لو كان بالرأي لكان باطن القدمين أحقّ بالمسح من ظاهرهما لكنه رأى النبي صلىاللهعليهوآله مسح ظهورهما ، يأتي الحجّاج فيعارضه ويعارض القرآن ، مصرّحا بأنّه لا بدّ من غسل باطنهما وظهورهما وعراقيبهما ، بحجّة كونهما أقرب للخبث!! وبعد هذا لا يبقى مجال للشك في تبنّي الأمويين للوضوء العثماني ، وانتهاجهم نفس نهجه واستدلالهم بنفس استدلالاته ، مع تطويرها وإشاعتها بالآراء والتأويلات والاجتهادات والدلالات البعيدة ، وهذا ما يؤكّد عدم أصالة ذلك الوضوء وعدم
__________________
(١) تفسير الطبري ٦ : ٨٢ ، وانظر تفسير ابن كثير ٢ : ٤٤ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٩٢ ، الدر المنثور ٢ : ٢٦٢ ، تفسير الخازن ١ : ٤٣٥.