فها هو يستدل على الغسل بقول أبي هريرة «ويل للأعقاب» ، وهذا يبيّن لنا حلقات متواصلة في سبيل تثبيت الوضوء الغسلي ، فمن عدول عائشة ، وإدراج أبي هريرة ، واستدلال عطاء ، تتبيّن سلسلة التطورات التي استفيد منها لتقرير وتدعيم الوضوء العثماني.
٢ ـ واستمر التدعيم الأمويّ للوضوء العثماني ، والإصرار من (نهج التعبد المحض) على بطلان ذلك ، ومخالفته للكتاب والسنة.
فقد أخرج ابن ماجة بسنده إلى الربيع بنت معوّذ أنّها قالت : أتاني ابن عباس فسألني عن هذا الحديث ـ تعني حديثها الذي ذكرت أنّ رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله توضأ وغسل رجليه ـ فقال ابن عباس : إنّ الناس أبوا إلّا الغسل ، ولا أجد في كتاب اللّٰه إلّا المسح (١).
وقال الحميدي : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : أرسلني علي بن الحسين إلى الربيع بنت المعوذ بن عفراء ، أسألها عن وضوء رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، وكان يتوضّأ عندها ، فأتيتها ، فأخرجت إلىّ إناء ..
فقالت : .. بهذا كنت أخرج لرسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله فيبدأ فيغسل يديه ثلاثا ، قبل أن يدخلهما الإناء ، ثمّ يتمضمض ويستنثر ثلاثا ثلاثا ، ويغسل وجهه ثلاثا ، ثمّ يغسل يديه ثلاثا ثلاثا ، ثمّ يمسح رأسه مقبلا ومدبرا ، ويغسل رجليه ثلاثا ثلاثا ،قالت : وقد جاءني ابن عمّ لك [تعني ابن عباس] فسألني عنه فأخبرته.
فقال : ما علمنا في كتاب اللّٰه إلّا غسلتين ومسحتين (٢).
وهنا نقف على صراعين وضوئيين كانا في العصر الأموي.
أ ـ بين الربيع وبين ابن عباس.
ب ـ بين الربيع وبين الإمام السجاد وعبد اللّٰه بن محمد بن عقيل.
فالربيع ـ وعلى ضوء النصين الآنفين ـ كانت قد تبنّت الوضوء الغسلي وأصرت
__________________
(١) سنن ابن ماجة ١ : ١٥٦ / الحديث ٤٥٨.
(٢) مسند الحميدي ١ : ١٦٤ ، ومسند أحمد ٦ : ٣٥٨.