علي والوضوء
ولمّا تولّى الإمام عليّ الخلافة ـ وهو المتبنّي الوحيد من بين الخلفاء الأربعة لمدرسة التعبد المحض ـ راح يبين الوضوء النبويّ للمسلمين ، ويعرّض ويشير إلى إحداث عثمان في الوضوء النبوي ، ونستطيع أن ندرج خطواته في بيان الوضوء النبوي في المندرجات الآتية :
١ ـ إنّ الثابت المحفوظ عن عليّ في كتب الفقه والتفسير والحديث هو الوضوء الثنائي المسحي ، يتبعه في ذلك صحابة كثر على رأسهم ابن عباس والطالبيون وأنس بن مالك.
٢ ـ كان الإمام علي يشير إلى الإحداث الذي طال الوضوء بمثل قوله بعد الوضوء المسحي وشربه من فضلته : «إن أناسا يكرهون هذا ، وقد رأيت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله يفعله ، وهذا وضوء من لم يحدث (١)» ، وقوله : «وهذا وضوء من لم يحدث ، ورأيت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله فعل هكذا» (٢) ، فهو يؤكّد وجود المحدثين في الوضوء ، ولم يكن قبله محدث في الوضوء إلّا عثمان كما علمت.
٣ ـ قوله عليهالسلام : قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله متعمّدين لخلافه .. مغيّرين لسنته .. أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، إلى أن يقول : ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها (٣).
وهذا النص ـ بعد الفراغ عن عدم إبداع الشيخين في الوضوء ـ يكاد يكون
__________________
(١) مسند أحمد ١ : ١٥٣ ، وانظر مسند أحمد ١ : ١٤٤ ، سنن البيهقي ١ : ٧٥.
(٢) مسند أحمد ١ : ١٢. وقد بيّنّا في هذا المجلد الأول (المدخل) فساد رأي من ذهب إلى أن المقصود بالحدث هو الحدث الناقض للوضوء فراجع.
(٣) الكافي ٨ : ٥٩ ـ ٦٢.