استنصارا للوضوء الغسلي ، وأن يلقي تبعة ما استحدثه عثمان على عاتق علي وابن عباس وغيرهما من أعيان الصحابة ، وإلّا فإنّ ما ينقله هذا النص غير معقول لا من جهة جهل ابن عباس ولا من جهة تعليم علي إيّاه ، لكون الوضوء أوّل أوليات العبادات.
ومثله النصّ الآخر الذي ادّعي فيه أن عليا علّم الحسين الوضوء في وقت متأخّر.
فهل كان الحسين جاهلا بوضوء جدّه وهو ريحانته وسبطه؟! أمّ أنّه لم ير النبيّ صلىاللهعليهوآله قطّ يشرب فضل وضوئه قائما مع أنّه من ألصق الناس به وأقربهم منه منزلة مادية ومعنوية؟
وكيف يتلائم هذا النص مع النصّ الآخر الذي فيه أنّ الحسين هو وأخوه الحسن علّما الشيخ الذي لا يحسن الوضوء ، وضوء رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله.
فعن الروياني : أنّ الحسن والحسين مرّا على شيخ يتوضّأ ولا يحسن ، فأخذا في التنازع ، يقول كلّ واحد منهما : أنت لا تحسن الوضوء ، فقالا : أيّها الشيخ كن حكما بيننا ، يتوضّأ كلّ واحد منّا ، فتوضّئا ، ثمّ قالا : أيّنا يحسن؟ قال : كلاكما تحسنان الوضوء ، ولكنّ هذا الشيخ الجاهل [يعني نفسه] هو الذي لم يكن يحسن ، وقد تعلّم الآن منكما ، وتاب على يديكما ، ببركتكما وشفقتكما على أمّة جدّكما (١).
وقد أغرقت الرواية الغسليّة في النزع بادّعائها أنّ السجّاد ، والباقر رويا الوضوء الغسلي عن الحسين ، وأنّ أباه عليّا علّمه إيّاه ، مع أننا علمنا أنّ السجاد أرسل عبد اللّٰه بن محمد بن عقيل إلى الربيع منكرا عليها وضوءها ، وأنّ المحفوظ عنه وعن ابنه الباقر هو المسح ، وقد مرّ عليك تصريح الفخر الرازي بأنّ مذهب الباقر محمد ابن علي هو وجوب المسح في الرجلين (٢).
وهذه اللفتة أيضا تجدها في مرويات عثمان الوضوئية ، فإنّها تحاول تسطير أكبر عدد من أسماء الصحابة لمساندة الوضوء الغسلي ، فتدّعي أن عثمان استشهد على
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٤٠٠.
(٢) التفسير الكبير ١٢ : ١٦١.