كمالي للوضوء ولا يدل على غسل الأرجل.
نعم ، إنّ الأعلام قد جدّوا لتعضيد الغسل بصرف الظهور القرآني. تارة بقراءة النصب واخرى بادعاء النسخ ، وثالثه بادعاء أنّ القرآن نزل بالمسح وجاءت السنّة بالغسل ، وما ضارعها من وجوه ، حتى قال ابن حزم في بعض مواطن ردّه على أبي حنيفة ومالك : وأبطلتم مسح الرجلين ـ وهو نص القرآن ـ بخبر يدّعي مخالفنا ومخالفكم أننا سامحنا أنفسنا وسامحتم أنفسكم فيه ، وأنّه لا يدلّ على المنع من مسحها ، وقد قال بمسحها طائفة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم (١).
واخرى بروايتهم عن رسول اللّٰه : أنّه غسل رجليه!!
الوضوء والتعليم غير المعقول :
ومن طرائف ما وقع في روايات الغسل أنّها تدعي في بعضها أن عليّا دخل على حبر الأمّة ابن عبّاس ، وفاجأه مبتدئا بقوله : «إلا أريك كيف كان يتوضّأ رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله؟ ..» ثمّ سرد له الوضوء الغسلي ، مشعرة بأنّه ارتضى ذلك الوضوء وتلقاه تلقيا عاديّا!! وهذا من غرائب الطرائف ، لأنّ ابن عباس كان يجاهر بالمسح حتّى بعد استشهاد الإمام علي كما في خبر الربيع ، فالخبر مصرّح بأنّ ابن عباس بقي على موقفه المسحي إلى آخر حياته ، مع أنّك قد عرفت أنّ أحدا لم يدّع الإخبار عن حسّ في رجوع ابن عباس ، بل الثابت عنه البقاء على المسح حتى النهاية ، فكيف سكت عن الوضوء الغسلي المدّعى.
وإذا صرفنا النظر عن ذلك ، فإنّنا لا نستطيع التصديق بأنّ حبر الأمة الذي كان يبيت مع النبيّ صلىاللهعليهوآله في غرفة واحدة ، يبقى ردحا من الزمن منتظرا أن يجيئه الإمام علي عليهالسلام فيعلمه الوضوء تبرّعا وبدون سابق سؤال من ابن عباس؟! وهل يخفى على الإمام علي أنّ ابن عباس كان يعلم وضوء رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله ، أم أنّ ابن عباس كان مخطئا طيلة عمره في وضوئه حتّى علّمه الإمام علي.
إنّنا لا نفهم من هذا النص إلّا تحشيد النهج الحاكم أكبر عدد من الصحابة
__________________
(١) المحلى ٢ : ٦١.