لظننت أنّ بطونهما أحقّ» فأرسل الإمام ظهور المسح من كتاب اللّٰه إرسال المسلّمات ، ولم يجعل مجالا لاحتمال الغسل أبدا فيه ، لظهور المسح في قوله (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) فأراد أن يوضح هذا الأمر الثابت بقوله : إنّ هذا المسح الظاهر من أمر اللّٰه في القرآن يختص بمسح ظاهر القدمين فقط ، لأنّه رأى رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله مسح ظهورهما فقط دون بطونها ، أي أنّه احتج بالسنة النبوية المباركة مع القرآن ، ثمّ فنّد عليهالسلام ثالثا الرأي ، فقال ما معناه : لو كان للرأي حجية في مقابل فعل النبيّ صلىاللهعليهوآله لكان باطن القدمين أحقّ بالمسح من ظاهرهما لقربه من الخبث. وهو ما استدل به الحجّاج على الغسل لاحقا!! فيكون ملخّص كلام الإمام علي هو : أنّ الكتاب أمر بالمسح بالأرجل ، لا غير ، ومعناه لا فرق في المسح بباطن القدمين أو ظهورهما ، وإن كان مسح بطون القدمين أولى من ظهورهما حسب الرأي ، لكنه لمّا رأى رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله مسح ظهورهما تعبد بذلك ولم يتجاوز إلى غيره.
ولا يخفى عليك أنّ هذا النص يدلّ على أنّ الباء في الآية القرآنية للتبعيض ـ لا كما يزعمه المالكية من أنّها للإلصاق ـ لأنّ الأمر بالمسح جاء من خلال نص الآية الشريفة ، وقد مسح النبيّ صلىاللهعليهوآله بظاهر قدميه لا باطنها ، إذ قال علي عليهالسلام : أنّه لو لا فعل النبيّ صلىاللهعليهوآله لكان باطنها أحق بالمسح ، لانه صلىاللهعليهوآله المبين لأحكام اللّٰه تعالى.
وعلى كلا الوجهين يكون النبيّ صلىاللهعليهوآله والإمام علي عليهالسلام قد بينا البعضية من الباء ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله مسح بظاهر قدميه ـ وهو بعض القدم ـ والإمام عليّ عليهالسلام قرّر أولوية الباطن ـ لو لا مسح النبيّ صلىاللهعليهوآله الظهر ـ بالمسح ، والباطن بعض القدم أيضا.
وعلى كل حال فإنّ النقولات المسحيّة عن عليّ وابن عباس وأنس بن مالك حملت معها أدلّتها القوية من القرآن والسنة وردّ الرأي ، بعكس الطرف المقابل ، أعني روايات الغسل ، فإنها لم تجرؤ أن تقدّم سوى ادّعاء لا يعلم مدى مصداقيته ووثاقته ، وانّ الأدلة التعضيديه كقوله صلىاللهعليهوآله «ويل للأعقاب من النار» و «أسبغوا الوضوء» هي أجنبيّة عما نحن فيه ، لعدم إمكان الاستفادة منها لمشروعية غسل الأرجل ، بل الأوّل منه ما هو إلّا حكم يتعلق بالعقب الذي هو معرض للنجاسة ، فلا يمكن الاستدلال به على أنّه فعل الرسول وحكم القرآن ، ومثله الحال بالنسبة إلى الإسباغ فهو حكم