ما يقال في حقها : أنها متنازع فيها في تلك الفترة ، فيكون ادعاؤهم مصادرة بالمطلوب.
الروايات الوضوئية وما تحمل من شواهد :
وفي تتبّع آخر للمرويات الوضوئية انفرجت لنا زاوية جديدة وظهرت لنا حقيقة قيّمة ، هي أنّ الروايات المسحيّة تنقل عن الماسحين ـ إلى هذا الموطن من البحث ـ أنّهم لم يدّعوا الوضوء المسحيّ مجرّدا عن الدليل ، أو بادّعاء محض الرؤية ، لأنّ التمسك بمجرّد ادعاء رؤيتهم للنبي قد يعارض بادّعاء مقابل من الغاسلين ، أو يؤوّل بتأويلات مختلفة ، فمن هنا جاءت مرويّاتهم المسحيّة مقرونة بالدليل الدامغ من الكتاب ومن السنة ، وبردّ الوجوه المرتأة والأدلة الاستحسانية ، وهذه الجهات خلت عنها الروايات المدّعية للغسل.
فروايات ابن عباس مشحونة بقوله : «افترض اللّٰه غسلتين ومسحتين» وقوله : «لا أجد في كتاب اللّٰه إلّا المسح» و «نجد في كتاب اللّٰه المسح» وما شاكلها من العبائر التي تصرّح بان كتاب اللّٰه نزل بالمسح لا غير ، وأنّ من ذهب إلى غير المسح ، فقد خالف الظهور القرآني وترك العمل بكتاب اللّٰه.
ونفس هذه النبرة تجلّت في كلام أنس بن مالك في ردّه للحجّاج حيث أعلن أنس احتجاجه بكتاب اللّٰه فقال : صدق اللّٰه كذب الحجاج ، قال تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) كان يقول : نزل القرآن بالمسح.
وفي نفس الوقت رأيناهم يعرّضون بأصحاب الرأي ويضربون بآرائهم عرض الجدار ، فيقول ابن عباس : «أبي الناس إلّا الغسل» ، و «يأبى الناس إلّا الغسل» ، كما يقول أنس في ردّ تعليل الحجّاج الغسل بأنّ الرجل أقرب أعضاء الإنسان للخبث ، «كذب الحجّاج» ، لأنّ دين اللّٰه لا يصاب بالرأي ، وإذا سلمنا حجية الرأي فليس على إطلاقه ، إذ ما قيمته بعد وضوح وظهور قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ)؟! وجاء الإمام علي بنص يحمل في ثناياه الاستدلال بالكتاب وبالسنة ويفند الرأي في آن واحد ، لأنّه عليهالسلام قال : «لو لا إنّي رأيت رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله مسح على ظهورهما