نعم ، إنّ نهج الاجتهاد والرأي لم يرتض التكبير لكل رفع وخفض ، فقد أخرج الشافعي في كتاب الأمّ من طريق عبيد بن رفاعة : إن معاوية قدم المدينة فصلى بهم فلم يقرأ بسم اللّٰه الرحمن الرحيم ، ولم يكبّر إذا خفض وإذا رفع ، فناداه المهاجرون حين سلّم والأنصار : أن يا معاوية! أسرقت صلاتك؟! أين بسم اللّٰه الرحمن الرحيم؟! وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت؟! فصلى بهم صلاة أخرى ، فقال : ذلك فيها الذي عابوا عليه (١).
وروى الشافعي قبل الخبر آنف الذكر خبرا عن أنس بن مالك ، فيه :صلى معاوية بالمدينة صلاة ، فجهر فيها بالقراءة ، فقرأ بسم اللّٰه الرحمن الرحيم لأمّ القرآن ، ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة ، ولم يكبر حين يهوي حتى قضى تلك الصلاة ، فلما سلّم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين من كل مكان : يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت؟
فلما صلى بعد ذلك ، قرأ بسم اللّٰه الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أمّ القرآن وكبّر حين يهوي ساجدا (٢).
٤ ـ دية الأصابع
عن مروان أنّه أرسل إلى ابن عباس ، فقال : أتفتي في الأصابع عشر عشر وقد بلغك عن عمر أنّه يفتي في الإبهام بخمسة عشر أو ثلاثة عشر ، وفي التي تليها اثنتي عشر ـ وفي آخر : عشر ـ وفي الوسطى بعشرة ، وفي التي تليها بتسع ، وفي الخنصر بست ، فقال ابن عباس : رحم اللّٰه عمر ، قول رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله أحقّ أن يتّبع من قول عمر
__________________
(١) الأم ١ : ١٠٨ ، التدوين في أخبار قزوين ١ : ١٥٤ ، سنن الدار قطني ١ : ٣١١ ، المستدرك للحاكم ١ :٢٣٣ ، السنن الكبرى للبيهقي ٢ : ٥٠.
(٢) الأم ١ : ١٠٨ ، السنن الكبرى للبيهقي ٢ : ٤٩ ، تاريخ الخلفاء : ٢٠٠ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٦٦ عن سعيد بن المسيب أنه قال : أوّل من نقص التكبير معاوية! وعن الزهري : أول من قرأ بسم اللّٰه الرحمن الرحيم سرا بالمدينة عمرو بن سعيد بن العاص (انظر السنن الكبرى للبيهقي ٢ : ٥٠).