وكقوله صلىاللهعليهوآله في عمار بن ياسر : إنّ عمارا مليء إيمانا إلى مشاشه ، وقوله فيه أيضا ، من عادي عمّارا عاداه اللّٰه ومن أبغض عمّارا أبغضه اللّٰه (١) ، وقوله في حنظلة حين خرج في أحد ملبّيا نداء رسول اللّٰه صلىاللهعليهوآله للحرب ، وكان قد أعرس بزوجته ، فخرج جنبا واستشهد في أحد ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : إنّ صاحبكم تغسله الملائكة ، فاسألوا صاحبته ، فقالت : خرج وهو جنب لمّا سمع الهيعة ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : لذلك تغسّله الملائكة (٢).
الاجتهاد والمجتهدون
كان مسار التعبّد هو المسار الصحيح الذي أراده اللّٰه لعباده المؤمنين ، أن يؤمنوا بالله ورسوله ، ويتّبعوا خطوات الرسول وأوامره ، وينتهوا عن زواجره ونواهيه ، وأن ينقادوا له انقياد طاعة وامتثال دون إعمال للآراء الشخصية أو تأثّر بالآراء الموروثة ، لكنّ الواقع المحسوس آن ذاك ظلّ ينبئ عن وجود صحابة كانوا يسمحون لأنفسهم بتخطئة الرسول والوقوف أمام أقواله وأفعاله ، ولم يكن ذلك بدعا في الديانات ، لأنّ القرآن الكريم والسنة المباركة أخبرانا أنّ ذلك سنة التاريخ في الديانات السالفة ، فقد آمن الناس بأنبيائهم ، وكان منهم الخصيصون والمقربون والحواريون ، كما كان هناك المكذّبون بهم ، وكانت هناك طائفة أخرى من الّذين آمنوا بالأنبياء لكنّهم اختلفوا ولم يفهموا ما يأتيهم به أنبياؤهم على وجهه الصحيح أو فهموه لكن ..
وكيف ما كان ، فإنّ القرآن المجيد كشف لنا بلا ريب عن وجود صحابة أسلموا وآمنوا بالله والرسول ، لكنّهم ظلّوا على قسط وافر من عدم التعبّد ، وعدم إدراكهم لقداسة الرسول صلىاللهعليهوآله ومدى دائرة وجوب إطاعته ، إذ كانوا يعاملونه في بعض الأحيان كأدون الناس شأنا ، وكانوا يعارضونه ويعترضون عليه ، ويرفعون أصواتهم فوق
__________________
(١) الإصابة ٢ : ٥١٢.
(٢) الإصابة ١ : ٣٦١.