صوته ، وو و ..
وقد وضّح القرآن وعالج الكثير من تلك الحالات غير المسئولة ، فقال سبحانه : (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَرْفَعُوا أَصْوٰاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلٰا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمٰالُكُمْ وَأَنْتُمْ لٰا تَشْعُرُونَ) (١) ، وفي هذه الآية تصريح بأنّ المخاطبين مؤمنون ينطقون الشهادتين ، وأنهم لم يأتوا بالزنا أو القتل أو غيرهما ، بل رفعوا أصواتهم على صوت النبي صلىاللهعليهوآله وكانوا ينادونه بما يكشف عن أنهم كانوا لا يلتزمون بما يقتضيه شأن النبوّة ، ولا يعتبرون النبي صلىاللهعليهوآله إلّا شخصا عادّيا مثلهم ، فلا حاجة إذن ولا ضرورة للتعبد بما يقوله النبي صلىاللهعليهوآله كنبي ، وهذا هو الذي أوجب التهديد لهم بالإحباط لأعمالهم.
ومثل ذلك قوله سبحانه وتعالى (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مٰا لَكُمْ إِذٰا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ اثّٰاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) (٢) وقوله (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّٰهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّٰهُ) (٣) ، وقوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمٰا نُهُوا عَنْهُ ، وَيَتَنٰاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوٰانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) (٤).
بل نقل الطبرسي في قوله تعالى (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّٰهِ وَرَسُولِهِ) أنّ ابن جنّي صرّح بأنّ معناه ، لا تفعلوا ما تؤثرونه وتتركوا ما أمركم اللّٰه ورسوله به ، وهذا معنى القراءة المشهورة ، أي لا تقدّموا أمرا على ما أمركم اللّٰه به (٥).
هذا ، إلى غيرها من الآيات الكريمة التي لوّحت أو صرحت بما لا يقبل الشك بوجود هذه الفئة في المجتمع الإسلامي في صدر الرسالة الإسلامية ، وإذا لوحظت تلك الآيات وأسباب النزول علم أنّ تلك الفئة غير قليلة وذلك الاتجاه كان كبيرا كما
__________________
(١) الحجرات : ٢.
(٢) التوبة : ٣٨.
(٣) الأحزاب : ٥٧.
(٤) المجادلة : ٨.
(٥) مجمع البيان ٥ : ١٢٩.