نعم ، بعد التعفير وصيرورته قابلا لأن يطهّر بالغسل بالماء يندرج في موضوع الخبرين ، فيسقط اعتبار التعدّد في غسله في الفرض ، لسلامة الخبرين من المعارض ، فإنّ عمدة مستند اعتبار التعدّد هو الإجماع المقصور على ما لو غسل بالماء القليل ، وأمّا لو غسل في الكثير والجاري وما بحكمه ، فالمشهور بين الأصحاب ـ على ما ذكره في الحدائق (١) ـ إنّما هو سقوط التعدّد.
وأمّا الرضوي الآمر بغسله بالماء مرّتين (٢) وكذا صحيحة أبي العبّاس الفضل على ما رواها في المعتبر من زيادة لفظة «مرّتين» بعد الأمر بغسله بالماء (٣) فعلى تقدير صحّة الاستدلال بهما وإن كان مقتضى إطلاقهما اعتبار العدد مطلقا لكن تقييدهما بما إذا كان الغسل بالماء القليل أولى في مقام الجمع من تخصيص الخبرين بهما ، فإن ظهور المطلقين في الإطلاق أضعف من ظهور العامّين في العموم بالنسبة إلى مورد الاجتماع ، بل قد يدّعى انصراف المطلقين في حدّ ذاتهما إلى إرادة الغسل بالماء القليل ، لكونه هو الغالب في مكان صدور الإطلاق.
والحاصل : أنّ قوله عليهالسلام : «اغسله بالتراب أوّل مرّة» (٤) له قوّة ظهور في إرادة الاطراد بحيث لا يعارضه عموم «كلّ شيء يراه ماء المطر فقد طهر» (٥) بل له نوع حكومة على هذا العموم بنظر العرف حيث يرونه بمنزلة الأمر بإزالة العين. وأمّا قوله عليهالسلام : «ثمّ بالماء مرّتين» فليس له ظهور ـ يعتدّ به ـ في الإطلاق بالنسبة إلى
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٥ : ٤٨٩.
(٢) راجع : الهامش (١) من ص ٤٠٣.
(٣) المعتبر ١ : ٤٥٨.
(٤) تقدّم تخريجه في ص ٤٠٠ ، الهامش (٤) وص ٤٠١ ، الهامش (١).
(٥) تقدّم تخريجه في ص ١٢٨ ، الهامش (١).