وإنكار دلالة الخبرين على الاشتراط ـ بدعوى عدم كون ذكر الجفاف واليبوسة فيهما على وجه يفيد التقييد ، لعدم كونه بصيغة أحد المفاهيم المعتبرة ـ ينشأ من الغفلة عن جهات الدلالة ، فإنّ الخبرين أظهر في التعليق من القضيّة الشرطيّة ، بل كادا أن يكونا نصّين في ذلك.
وقد يقال : إنّه يحتمل أن يكون المراد بالجافّ في الرواية الأولى ما لم يصل إليه البلل الذي يسيل من الخنزير الذي مرّ في الطريق ، لا الجفاف المقابل للرطب.
أقول : وكذلك يحتمل أن يكون المراد باليابسة في الرواية الثانية الأرض الخالية من نداوة البول.
لكن لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الاحتمالات في رفع اليد عن ظواهر الأدلّة ، فمقتضى القاعدة تقييد ما في سائر الأخبار من الإطلاق بهاتين الروايتين.
لكنّ المتبادر من الجفاف واليبوسة في مثل هذه الموارد خصوصا بعد الالتفات إلى ما في سائر الأخبار من الإطلاق ومخالفة اعتبار اليبوسة الحقيقيّة لفتوى الأصحاب ـ كما يظهر من بعضهم ـ ليس إلّا ما لم يكن فيه رطوبة يعتدّ بها ، أي الرطوبة المسرية ، فالقول باعتباره هو الأظهر.
ومستند القول بعدم الاشتراط : إطلاق سائر الأخبار مع دعوى عدم نهوض الخبرين لتقييدها. وقد تبيّن ضعفه.
الرابع : هل يعتبر في مطهّريّة الأرض كونها طاهرة؟ قولان ، أظهرهما :الأوّل ، فإنّ المتبادر من قوله عليهالسلام : «الأرض يطهّر بعضها بعضا» (١) وكذا من سائر
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٣٢٢ ، الهامش (١ ـ ٣).