الالتفات إلى أنّ الأخبار بأسرها مسوقة لبيان الحلّيّة ، ودلالتها على الطهارة إنّما هي بالتبع ، فربما لم يكن السائل ملتفتا إلى نجاستها حتّى يمكن أن يدّعى أنّ مغروسيّة نجاستها في الذهن توجب صرفها عن مثل هذه الفروض ، بل قد عرفت عند البحث عن نجاسة الخمر أنّ الذي يساعد عليه القرائن عدم كون نجاسة الخمر من الأمور المسلّمة عند السائلين حتّى تجعل معروفيّة نجاستها قرينة صارفة عن مثل هذه الموارد ، لكن الجزم بذلك في غير ما جرت العادة بعدم التحرّز عن مثله في مثل هذه الموارد كقليل من التراب أو الحجارة أو الحصى أو الأجرام العينيّة الباقية فيها وغيرها ممّا جرى هذا المجرى في غاية الجرأة.
وكيف كان فهذا إذا كان ذلك الجسم الباقي بعد الانقلاب من الجوامد ، وأمّا إن كان من المائعات فلا يخلو الحكم بتبعيّته للمستحيل ـ وإن كان مستعملا في العلاج فضلا عن غيره ـ عن إشكال ، لعدم مساعدة العرف عليه في المائعات حيث يرونها بمجرّد الاتّصال بالنجس ـ لصيرورتها بذاتها نجسة ـ كعين النجس مستقلّة بالأثر ، بخلاف الجامدات الملاقية للنجس التي لا تتخطّى النجاسة عن سطحها الملاصق للجسم ، فلا يرون لها ما لم ينفصل أثرا خاصّا ، بل يرون نجاستها تابعة لنجاسة النجس الملاصق لها [و] (١) لا يتعقّلون بقاءها بعد انقلاب ذلك النجس وصيرورته طاهرا.
والحاصل : أنّ مساعدة العرف على التبعيّة في المائعات محلّ نظر ، فمقتضى الأصل بقاء نجاستها ومانعيّتها من طهارة المستحيل.
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق.