الرشحات العالقة به بمنزلة أجزاء الكرّ.
وكيف كان فليس المدار في باب التطهير على ذلك ، بل المدار على صدق نفوذ الكرّ فيه ، ووصول الماء المطلق إلى باطنه ، ولا ملازمة بينه وبين إطلاق اسم الماء عليه فضلا عن اتّصافه بكونه جزءا من الكرّ متّحدا معه.
ألا ترى أنّه لو أريق الماء في إبريق أو حبّ أو غير ذلك من أوعية الماء وسرت نداوته فيه بحيث ظهر عليه وترشّح منه ، يطلق عرفا أنّ ماءه نفذ فيه وخرج منه إطلاقا حقيقيّا ، لكن لو لوحظت الأجزاء المائيّة السارية فيه بحيالها ، لا يطلق عليها اسم الماء ، لاضمحلالها واستهلاكها في الظرف ، بل يطلق عليها اسم الرطوبة والنداوة ، ولا تعدّ الرشحات المجتمعة على ظهر الإناء أو المتقاطرة منه متّصلة (١) بما فيه ، ولذا لو أصابها نجس لا ينجّس ما فيه.
وكذا الحنطة المستنقعة في الماء لو لاقت نجسا من بعض جوانبها ، لا ينجّس الجانب الآخر.
والحاصل : أنّ ملاك التطهير فيما نحن فيه على ما تقتضيه أدلّته إنّما هو صدق إصابة الماء إلى الأجزاء ، وهذا حاصل في الفرض بشهادة العقل والعرف ، ولا ينافيه عدم صدق اسم الماء على ما وصل إلى الأجزاء عند ملاحظته على سبيل الاستقلال.
ويدلّ على قبول الأمثلة المذكورة للطهارة بنفوذ الماء العاصم في بواطنها من غير اعتبار إطلاق اسم الماء عليه بعد النفوذ عند ملاحظته مستقلّا : الأخبار
__________________
(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «متّصلا». والصحيح ما أثبتناه.