قال : بلى يا رسول الله ، أرِنيه.
فقعد ، ونزل جبرئيل على خشبة في الكعبة كان المشركون يَضَعون ثيابهم عليها إذا طافوا. فقال صلى الله عليه وآله : ارفَع طرفك يا حمزة فانظُر. فرفع عينه ، فإذاً قدماه كالزبرجد. فخرَّ مغشيّاً عليه.
ورُوِيَ أنه رآه صلى الله عليه وآله مرَّتين ليكمل له الأمر ؛ مرة في عالم الكون والفساد ، وأخرى في المحلِّ الأعلى. وإنما قام بصورته ليؤكِّد أن ما يأتيه في صورة دحية هو هو ١.
وفسَّر القمي «ذو مِرَّة» برسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم قال :
حدثني ياسر ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، قال :
ما بعث الله نبياً إلا صاحب مرة سوداء صافية ٢.
كما فسَّر الآيات التالية أيضا ـ يعني قوله تعالى : «وهو بالأفق الأعلى». وكذلك : «ثم دنا فتدلَّى» ـ ، فسَّرها برسول الله صلى الله عليه وآله.
«وهو بالأُفُق الأعلى» ، أي أُفق السماء ، والضمير لجبرئيل كما فُسِّر.
«ثم دَنا» ، أي جبرئيل.
وقال القمي :
«يعني رسول الله صلى الله عليه وآله من ربه عز وجل».
«فَتَدلَّى» ، أي زاد في القُرب.
في المجمع :
«قال الزجّاج : معنى دنا وتدلَّى واحد ، لأن معنى دنا قَرُب ، وتدلَّى زاد في القُرب» ٣.
«فكان قاب قَوسَين أو أدنَى» ، أي قدر الوتر من القوس مرَّتين ، أو أدنى منه وأقرب. والمعنى المفسَّر به هو أنه كان ما بين جبرئيل وبين رسول الله صلى الله عليه وآله هذا المقدار.
__________________
١. مُقتَنيات الدُرَر : ج ١٠ ص ٢٦٠.
٢. تفسير القمي : ج ٢ ص ٣٣٤.
٣. مجمع البيان : ج ٩ ص ١٧٣.