الفصل الرّابع
سرّ الحياة والموت
كان سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام محبا لربه ، خالق الناس جميعا ، غاية الحب ، محبا للتحدث بما لهذا الرب من قوة ، دونها كل قوة ، وبما يقدر عليه هذا الرب العظيم ، بما لا يقدر عليه مخلوق في الوجود ، محبا لإظهار ما خفى من أسرار تلك الوحدانية التي برأت النسم ، وخلقت الدنيا من العدم ، وتقول للشيء كن فيكون ، وبهذا الشوق إلى اجتلاء أسرار القدرة الإلهية ، والتحدث بما لله من عظمة وقوة ، سأل إبراهيم ربه «رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى».
قال تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ، قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ، قالَ بَلى ، وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ، قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ، ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١).
يقول الأستاذ الباقوري ، طيب الله ثراه ، «فأول ما ينبغي أن يبدأ به
__________________
(١) سورة البقرة : آية ٢٦٠ ، وانظر : تفسير الطبري ٥ / ٤٨٥ ـ ٥١٢ ، في ظلال القرآن ١ / ٢٩٧ ـ ٢٩٨ ، صفوة التفاسير ١ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ، تفسير ابن ناصر السعدي ١ / ١٥٦ ، تفسير الجلالين ص ٥٧ ـ ٥٨ ، تفسير القرطبي ص ١١٠٥ ـ ١١١٠ ، تفسير ابن كثير ١ / ٤٧١ ـ ٤٧٢ ، تفسير البحر المحيط ٢ / ٢٩٣ ـ ٢٩٥ ، تفسير المنار ٣ / ٤٤ ـ ٤٩ ، علي بن أحمد الواحدي : أسباب النزول ـ القاهرة ١٩٦٨ ص ٥٣ ـ ٥٥ ، تفسير النسفي ١ / ١٣٢ ـ ١٣٣.