الثانية : الإشارة بما وضع للقريب لتنزيل القرب الذكري منزلة المكاني وللتنبيه تنبيه على أنّ ما ذكر ينبغي أن يكون نصب عين المؤمن حاضراً في ذهنه ليستبشر به ويقوى في دينه.
الثالثة : تقديم « بذاك » على « جاء » للاعتناء بشأن المشار إليه ، ولتقريب اسم الإشارة من المشار إليه ، ولا سيما واسم الإشارة موضوع للقريب وللوزن. ويجوز أن يكون للحصر خصوصاً ، إذا كانت الباء للسببيّة ، فإنّ غاية الغايات للبعث والإنزال والتبليغ إنّما هو الإيمان وإثابة المؤمنين ، فما ذكر هو السّبب حقيقة للوحي ، وغيره وسائل إليه وأسباب له. وإن كان (١) الباء للتعدية أو الظّرفية صحّ الحصر أيضاً بهذا الاعتبار ، فإنّه لما كان العمدة فكأنّه ما أتى إلاّ به أو في شأنه.
الرابعة : العدول عن : وحي ربّنا إلى « الوحي من ربّنا » إن كان « من ربّنا » حالاً عن « الوحي » للإيضاح بعد الإبهام.
الخامسة : زيادة « من ربّنا » لزيادة التنصيص مزيد التقرير والتثبيت لما ذكر والتعظيم له.
السادسة : إفراد الحق : إذا كان محمولاً عليهم مع ما ذكر من الوجه ، للإيماء إلى أنّهم بمنزلة شخص واحد ، أو ينبغي أن يكونوا كذلك في الاجتماع على الحقّ وفي انتصار بعضهم ببعض ، وكونهم يداً على من سواهم.
البيان :
« الباء » إن كانت بمعنى « في » كانت استعارة ، واستعمال اسم الإشارة الموضوع للإشارة الحسّية في المعاني استعارة تشبيهاً للحضور الذهني ، أو الذكري بواسطة ذكر ألفاظها بالحضور الخارجي اسناداً لمجيئ إلى الوحي مجازي أو الوحي
__________________
١ ـ ذُكّر على تقدير « إن كان حرف الباء ».