قال أبو الفرج الاصبهاني : كنت عند جعفر بن محمد ، فأتاه نعي السيد ، فدعا له وترحّم عليه ، فقال رجل : يابن رسول اللّه ، تدعو له وهو يشرب الخمر ويؤمن بالرَّجعة ، فقال : حدثني أبي عن جدّي ، انّ محبِّي آل محمّد لا يموتون إلاّ تائبين وقد تاب ، ورفع مُصلّى كانت تحته ، فأخرج كتاباً من السيد يعرِّفه فيه انّه قد تاب ويسأله الدعاء له. (١)
أقول : إنّ ما ذكره صاحب الأغاني لا يوافق التاريخ القطعي ، فانّ الإمام توفي عام ١٤٨ هـ ، وتوفّي السيد عام ١٧٣ هـ وعلى قول١٧٨ هـ ، فكيف يصحّ ما ذكره؟!
ويقرب من ذلك ما ذكره الكشي بسنده عن محمد بن النعمان ، قال : دخلت على السيد بن محمد ، وهو لما به قد اسود وجهه وازرقت عيناه وعطش كبده وسلب الكلام ، وهو يومئذ يقول بمحمد بن الحنفية ، وهو من حشمه ، وكان ممّن يشرب المسكر فجئت ، وكان قد قدم أبو عبد اللّه عليهالسلام الكوفة ، لأنّه كان انصرف من عند أبي جعفر المنصور ، فدخلت على أبي عبد اللّه ، فقلت : جعلت فداك انّي فارقت السيد بن محمد الحميري ، وهو لما به قد اسودّ وجهه وازرقت عيناه وعطش كبده وسلب الكلام فانّه كان يشرب المسكر.
فقال أبو عبد اللّه عليهالسلام : اسرجوا حماري ، فاسرج له فركب ومضى ، ومضيت معه ، حتى دخلنا على السيد وانّ جماعة محدقون به ، فجلس أبو عبد اللّه عليهالسلام عند رأسه ، وقال : يا سيد ، ففتح عينه ينظر إلى أبي عبد اللّه عليهالسلام ولا يمكنه الكلام وقد اسودّ وجهه ، فجعل يبكي وعينه إلى أبي عبد اللّه ، ولا يمكنه الكلام ، وانا لنتبين فيه انّه يريد الكلام ولا يمكنه ، فرأينا أبا عبد اللّه عليهالسلام حرك شفتيه فنطق السيد ،
__________________
١ ـ الأغاني : ٧ / ٢٧٧.