الإيمان بها لمن هو أهله والإقامة على ذلك ، ومعرفة أربابها على أن يكون وقف العيس مجازاً على الإقامة ، كحط الرحل وإلقاء العصا والإقامة مجازاً عن الإيمان الثّابت بأهلها.
ويحتمل أن يريد بالعيس مطايا العزم وإثبات المطايا للعزم كإثبات اليد للشمال في قوله : « إذْ أصْبَحَتْ بِيَدِ الشِّمالِ زِمامُها » (١) ، وتخصيص العيس لكونها كرام المطايا.
ويحتمل أن يريد بها نفسه وقواه وجوارحه وكنّى به عن أنّ الإيمان قد انثبت في جميع ذلك وشبّهها بالمطايا لأنّها محامل الأفعال والأخلاق ، وخصّ العيس تنبيهاً على تبرّئها عن شوب مواد الكفر وآلنفاق والشكّ والارتياب ، ولما تضمّن لفظ العيس مخالطة الشقرة تضمّن التنبيه على أنّها لارتكابها المعاصي ليست خالصة البياض بل فيها كدرة ، ثمّ في التعبير عن إيمانه بالجملة الفعلية المقرونة ب « لما » إيماء إلى أنّه تجدّد إيمانه بعد أن لم يكن.
والأمر كذلك لما عرفت من أنّه كان كيسانياً وحيئنذ فيحتمل أن يكون بكاؤه على زلّته السابقة ومضى ما مضى من عمره في عدم الإيمان ، أي والعين لما عرفت الحق تدمع تأسّفاً وتحسّراً على ما فاته من معرفته فيما مضى.
ومراده بمن كان يلهو به : إمّا أئمّة الحقّ إن كان المراد أنّه كان يشتغل به عن غيره أو يسرّ ويبتهج بسببه أو استعانته أو في صحبته.
وإمّا أئمّة الكيسانية ورؤساؤهم ، أو محمد ابن الحنفيّة رضي اللّه عنه إن كان المراد أحد تلك المعاني ، أو أنّه كان يلعب به فإنّ اعتقاد الإمامة بغير أئمّة الهدى
__________________
١ ـ عجزُ بيت ، للبيد بن أبي ربيعة ، أحد أصحاب المعلقات ، والبيت بكامله :
وغداة ريح قد وزعت
وقرة |
|
إذ أصبحت بيد
الشمال زمامها |
كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي : ٨ / ١٠١ ، عن ديوانه : ٣١٥.