وعندي أنّ الإنصاف أنّ قول السيرافي أقرب إلى التحقيق ، فإنّ الاسم الجامد لا يصلح شيء منهما لأن يستتر فيه الضمير ، ولأنّه لو بقي الضمير لكان بين المفرد وأخويه ، والمذكر وأُخته ، فرقاً كما كان في العامل إلاّ أنّه لمّا كسر حُذِف العامل ، بل وجب لشدّة ظهوره ، حتى كان ذكره بمنزلة الحشو في الكلام نزل منزلة المذكور فأكّد وعطف عليه وأوقع عنه الحال ولا بُعد فيه ، على أنّ لقائل أن يقول : إنّ التأكيد في البيت ل « فؤادي » ، والرفع للحمل على محله ، والعطف على المحذوف لا يحصى كثرة ، وأنّ « رحمة اللّه » معطوف على « السلام » وإن تأخّر عنه ، كما في قوله :
ثمّ اشتكيت لاشكاني وساكنه |
|
قبر بسنجبار أو قبر على قهد (١) |
هذا كلّه إن لم يكن للظرف مرفوع ظاهر محكوم بكونه فاعلاً له ، وإلاّ فلا خلاف في أنّ لا ضمير لا في العامل المقدّر ولا في الظرف.
واعلم أنّهم حصروا ما يجب حذف عامله في ثمانية مواضع :
الأوّل : أن يكون صفة والعامل عامّاً نحو : ( أَوْ كَصَيِّب مِنَ السَّماءِ ). (٢)
والثاني : أن يكون حالاً والعامل كذلك نحو : ( فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ في زينَتِهِ ). (٣)
والثالث : أن يكون صلة والعامل كذلك نحو : ( مَنْ فِي السَّمواتِ ). (٤)
__________________
١ ـ البيت ل « ضنان بن عباد اليشكري » ذكره البكري الاندلسي في كتابه « معجم ما استعجم » : ٣ / ٧٦٠ ، وجاء في معجم البلدان للحموي : ٤ / ٤١٨ وقال : قهد ـ بالتحريك ـ اسم موضع.
٢ ـ البقرة : ١٩.
٣ ـ القصص : ٧٩.
٤ ـ يونس : ٦٦.