قال : وما هي؟ قالت : تعتق هؤلاء الضعفاء الذين معك قال : ذلك لك. فأعتق لها ستمائة من الحبش ، فقالت : ولا تمسّني حتى تصير إلى بلدك ودارك ، ففعل. وقالت : ولا تحملني على أن أغيّر ديني. قال : وذلك لك. فقدم بها ، فولدت الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة. فلما ماتت حضر القرشيون وغيرهم من الناس لشهودها ، فقال : أدّى الله الحقّ عنكم ، إن لها أهل ملّة أولى بها منكم ، فانصرفوا عنها انتهى.
قال : ونبأنا الزبير ، حدثني عمي مصعب بن عبد الله : [لم يكن الحارث بن عبد الله](١) بن أبي ربيعة يدري أنّ أمه على النصرانية حتى ماتت ، وحضر لها الناس ، فخرجت إليه مولاة له فسارّته وقالت : اعلم أنّا وجدنا الصّليب في رقبة أمّك حين جرّدناها لغسلها. فقال للناس : انصرفوا أدّى الله تعالى الحق عنكم ، فإن لها أهل ملّة هم أولى بها منكم ، فانصرف الناس ، وكبر الحارث بما فعل من ذلك عند الناس (٢).
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد الخطيب ، أنبأنا أبو منصور محمّد بن الحسن ، أنبأنا أحمد بن الحسين ، أنبأنا عبد الله بن محمّد بن عبد الرحمن ، أنبأنا محمّد بن إسماعيل البخاري ، أنبأنا محمّد بن كثير ، أنبأنا سفيان ، أنبأنا حمّاد ، عن الشعبي أن الحارث بن أبي ربيعة ماتت أمّه نصرانية ، فشيّعها أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ـ زاد عبدان عن ابن المبارك قال : قال سفيان : خرج عليهم فقال : إن لها أهل دين من غيركم ، فقال معاوية : لقد ساد هكذا انتهى ، هذا معناه.
قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ـ إجازة ـ أنبأنا سليمان بن إسحاق الحلاب ، نبأنا حارث بن أبي أسامة ، نبأنا محمّد بن سعد (٣) ، أنبأنا محمّد بن عمر ، حدثني ابن أبي سبرة ، عن موسى بن ميسرة ، قال : طاف عبد الملك بن مروان للقدوم فلمّا صلى ركعتين قال له الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة : عد إلى الركن الأسود قبل أن تخرج إلى الصّفا ، فالتفت عبد الملك إلى قبيصة ، فقال قبيصة : لم أر أحدا من أهل العلم يعود إليه. فقال عبد الملك : طفت مع أبي فلم أره عاد إليه. ثم قال عبد الملك : يا حار تعلّم مني [كما تعلّمت](٤) منك حيث أردت أن
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن مختصر ابن منظور ٦ / ١٥٨.
(٢) انظر نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٣١٩ باختلاف.
(٣) طبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٠ في ترجمة عبد الملك بن مروان.
(٤) الزيادة عن ابن سعد.