صحة الاتهام ، فتغريه به وتعمل على توكيده في نفسه ، بأن تطلب إليه رأيه في الجزاء الذي يجزّى به هذا المتهم (١) ، يقول تعالى (وَاسْتَبَقَا الْبابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢) ، بينما تتجاهل رواية التوراة حضور العزيز ، وتذهب إلى أن امرأة العزيز قد اخبرت أهل البيت بأن الرجل العبراني قد حاول الاعتداء عليها ، وأنه لم يتركها إلا بعد أن استغاثت بمن في البيت ، ومن ثم فقد ترك ثوبه وخرج ، وأبقت الثوب حتى إذا ما جاء بعلها أخبرته أن عبده العبراني حاول الاعتداء على شرفها ولما صرخت ترك ثوبه بجوارها وفر هاربا ، ولعل من المفيد هنا الإشارة إلى ما في النص التوراتي من اضطراب ، فمرة لا يوجد أحد في البيت ، ومرة أخرى ، فإن البيت مليء بأهله ، ومرة يوصف يوسف بأنه رجل عبراني ، وأخرى عبد عبراني وفرق بين العبارتين في مثل هذه الحالة النفسية (٣)
ومنها (تاسعا) أن القرآن الكريم وحده هو الذي يشير إلى أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد أظهر براءة يوسف على يد شاهد من أهل امرأة العزيز نفسها ، تروي كتب التفسير أنه صبي في المهد ، وذلك حين قال (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ ، وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ، قالَ إِنَّهُ مِنْ
__________________
(١) عبد الكريم الخطيب : القصص القرآني ص ١٠٠
(٢) سورة يوسف : آية ٢٥
(٣) تكوين ٣٩ : ١١ ـ ١٨