في رأيه ـ والأنبياء ، وما شأن الشرك بمريم وابنها وببقية الرسل ، حتى ترسم صورها على أعمدة أو جدران البيت الحرام (١).
والرأي عندي ، أن صور الأنبياء يمكن ان نقسمها إلى قسمين ، الواحد يتصل بإبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام ، وهما جدا العرب ، وبناة البيت الحرام ، فوجود صور لهما في الكعبة ـ وقد امتلأت بالأصنام ـ أمر لا يخالف المنطق ، ما دام هؤلاء القرشيون يؤمنون بأبوة الخليل ، وأنه هو ـ وإسماعيل ـ قد رفعا القواعد من البيت ، وأما الشق الثاني ، فيتصل بالمسيح وأمه البتول ، وصورهما ـ فيما أظن ـ تتصل بأمرين ، الواحد أن قريشا إنما سمحت للناس كافة بالطواف حول البيت ، ويضعون فيه أصناما لمعبوداتهم ، أضف إلى ذلك أن الأخباريين إنما يذهبون إلى أن «باقوم» الرومي ، هو الذي أشرف على بناء الكعبة وهندستها ، ومن ثم فليس من المستبعد أن يكون الرجل ـ وهو نصراني ـ قد قام برسم تلك الصور بمفرده ـ أو بمساعدة أخوة له من نصارى الروم ممن كانوا معه ـ ولم يجد عمله هذا اعتراضا من قريش ، لأن ذلك لا يتنافى وعقيدتها في أن البيت لله ، يتعبد فيه الناس لآلهتهم (٢).
وأيا ما كان الأمر ، فلقد بقي الحال في الكعبة ، حتى العام الثامن للهجرة ، حيث أكرم الله رسوله والمؤمنين بفتح مكة (٣) ، فقام المسلمون بتحطيم الأصنام ، ويروى أن النبي ، صلوات الله وسلامه عليه ـ رأى
__________________
(١) جواد علي ٦ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩
(٢) جواد علي ٦ / ٤٣٩
(٣) أنظر عن فتح مكة (رمضان ٨ ه ـ ديسمبر ٦٣٠ م) : ابن الأثير ٢ / ٢٣٩ ـ ٢٥٥ ، تاريخ الطبري ٣ / ٣٨ ـ ٦٢ ، ابن خلدون ٢ / ٤١ ـ ٤٥ ، حياة محمد ص ٤١٦ ـ ٤٣١ ، الأنبياء في القرآن الكريم ص ٣٢٢ ـ ٣٢٤ ، عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ١٢٢ ـ ١٢٣ ، ابن هشام ١ / ٨٠٢ ، ٨١٤ ـ ٨٢٢