موارها ومجاريها ..
ومن ذلك ما قاله شيخ الشيعة المفيد قدس سره : إن التقية جائزة في الدين عند الخوف على النفس ، وقد تجوز في حال دون حال للخوف على المال ولضروب من الاستصلاح.
وأقول إنها قد تجب أحياناً وتكون فرضا ، وتجوز أحيانا من غير وجوب ، وتكون في وقت أفضل من تركها ، ويكون تركها أفضل وإن كان فاعلها معذورا ومعفوا عنه متفضلا عليه بترك اللوم عليها.
وأقول ، إنها جائزة في الأقوال كلها عند الضرورة ، وربما وجبت فيها لضرب من اللطف والاستصلاح ، وليس يجوز من الأفعال في قتل المؤمنين ولا فيما يعلم أو يغلب أنه استفساد في الدين (١).
وقال الشيخ المظفّر قدس سره : وللتقيّة أحكام من حيث وجوبها وعدم وجوبها ، بحسب اختلاف مواقع خوف الضرر ، مذكورة في أبوابها في كتب العلماء الفقهيّة.
ثمّ قال : وليست هي بواجبة على كلّ حال ، بل قد يجوز أو يجب خلافها في بعض الأحوال ، كما إذا كان في إظهار الحق والتظاهر به نصرة للدين وخدمة للاسلام ، وجهاد في سبيله ؛ فانه عند ذلك يُستهان باأموال ولا تعزّ النفوس.
وقد تحرم التقيّة في الأعمال التي تستوجب قتل النفوس المحترمة ، أو رواجاً للباطل ، أو فساداً في الدين ، أو ضرراً بالغاً على المسلمين باضلالهم أو إفشاء الظلم فيهم (٢).
وقال السيّد هبة الدين الشهرستاني : المراد من التقيّة اخفاء أمر ديني لخوف الضرر من إظهاره ، والتقيّة بهذا المعنى شعار كلّ ضعيف مسلوب الحريّة.
__________________
١. أوائل المقالات : ص ١١٨.
٢. عقائد الاماميّة : ص ٨٧.