ثمّ قال : عودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، واشهدوا لهم وعليهم ، وصلّوا معهم في مساجدهم.
ثمّ قال : أيّ شيء أشدّ على قوم يزعمون أنّهم يأتمّون بقوم ، فيأمرونهم وينهونهم فلا يقبلون منهم ، ويذيعون حديثهم عند عدوّهم ، فيأتي عدوّهم إلينا فيقولون لنا : انّ قوماً يقولون ويروون عنكم كذا وكذا ، فنحن نقول : إنّا بُراء ممّن يقول هذا ، فيقع عليهم البراءة (١).
وهذا الحديث ظاهر في حصول المذلّة والضرر في ترك المخالطة والصلاة ، وهو موضوع التقيّة.
فاذا لم يكن هذا المحذور فلا مجال للتقيّة بحال.
بل وقع النهي عن الصلاة خلفهم كما في حديث اسماعيل الجعفي قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام : رجل يحبّ أمير المؤمنين ، ولا يتبرّأ من عدوّه ، ويقول هو أحبّ إليّ ممّن خالفه؟
قال عليه السلام : هذا مخلّط ، وهو عدو ، فلا تصلّ وراءه ، ولا كرامة إلّا أن تتّقيه (٢).
وعلى الجملة ؛ فالتقيّة تدور مدار موضوعها يعني الخوف والضرر وجوداً وعدماً ، كما عليه الدليل الشرعي من أئمّتنا المعصومين ، سلام الله عليهم أجمعين ، وما أفتى به من فقهائنا المعظّمين.
فأجازوا التقيّة عند تحقّق موضوعها ورخّصوا في المداراة مع وجود مجراها ، استناداً إلى الأدلّة الشرعيّة من الكتاب والسنّة ، واحتجاجاً بما صحّ من البراهين والأدلّة.
لذلك ترى أعلام الشيعة لم يُطلقوا القول بوجوب التقيّة ، بل فصّلوا في حكمها بحسب
__________________
١. المحاسن : ج ١ ، ص ١٨.
٢. التهذيب : ج ٣ ، ص ٣٨.