النعال ، فإن الرجل لا يزال راكبا ما دام منتعلا» [٤٣٤]. فلما سار رسول الله صلىاللهعليهوسلم تخلّف ابن أبيّ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيمن تخلّف من المنافقين ، وقال : يغزوا محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحرّ والبلد البعيد ، إلى ما لا قبل له به يحسب محمد أن قتال بني الأصفر اللعب؟ ونافق من (١) هو معه على مثل رأيه. ثم قال ابن أبيّ : والله لكأني أنظر إلى أصحابه غدا مقرنين في الجبال ، إرجافا برسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه.
فلما رحل رسول الله صلىاللهعليهوسلم من ثنية الوداع إلى تبوك وعقد الألوية والرايات ، فدفع لواءه الأعظم إلى أبي بكر ورايته العظمى إلى الزبير ، ودفع راية الأوس إلى أسيد بن الحضير ، ولواء الخزرج إلى أبي دجانة ، ويقال إلى الحباب بن المنذر بن الجموح.
قال : ومضى (٢) رسول الله صلىاللهعليهوسلم من المدينة فصبّح ذا خشب (٣) فنزل تحت الدّومة ، وكان (٤) دليله إلى تبوك علقمة بن الفغواء الخزاعي. فقام (٥) رسول الله صلىاللهعليهوسلم تحت الدّومة فراح منها ممسيا حيث أبرد. وكان في حر شديد.
قالوا : وكان الناس مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاثين ألفا ، ومن الخيل عشرة آلاف فرس ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلّ بطن من الأنصار أن يتّخذ لواء أو راية (٦) ، والقبائل من العرب فيها الرايات والألوية. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد دفع راية بني مالك بن النجار إلى عمارة بن حزم : فأدرك رسول الله صلىاللهعليهوسلم زيد بن ثابت فأعطاه الراية. قال عمارة : يا رسول الله لعلك وجدت (٧) عليّ قال : «لا والله ، ولكن قدّموا القرآن ، وكان زيد أكثر أخذا للقرآن منك ، والقرآن يقدم. وإن كان عبدا أسود مجدّعا» [٤٣٥] وأمر في الأوس والخزرج أن يحمل راياتهم أكثرهم أخذا للقرآن. وكان أبو زيد يحمل راية بني عمرو بن عوف ، وكان معاذ بن جبل يحمل راية بني سلمة.
__________________
(١) بالأصل : ممن.
(٢) مغازي الواقدي ٣ / ٩٩٩.
(٣) واد على مسير ليلة من المدينة (معجم البلدان).
(٤) بالأصل : «وكانت» والمثبت عن الواقدي.
(٥) عن الواقدي وبالأصل «فقال».
(٦) عند الواقدي : لواء وراية.
(٧) أي غضبت.