قال : ونا يونس ، قال : قال ابن إسحاق (١) : ثم خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الخميس واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة الأنصاري فلما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع ومعه زيادة على ثلاثين ألفا من الناس ، وضرب عبد الله بن أبيّ عدوّ الله على ذي حدة عسكرا أسفل منه نحوا من كذا وكذا ، وما كان فيها يزعمون بأقل العسكرين. فلما سار رسول الله صلىاللهعليهوسلم تخلف عنه عبد الله بن أبيّ فيمن تخلف من المنافقين وأهل الرّيب. وخلف رسول الله صلىاللهعليهوسلم علي بن أبي طالب على أهله ، وأمره بالإقامة فيهم ، فأرجف به المنافقون وقالوا : ما خلّفه إلّا استثقالا له وتخففا منه ، فلما قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالب سلاحه ، ثم خرج حتى أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو نازل بالجرف فقال : يا رسول الله زعم المنافقون أنك إنما خلّفتني تستثقلني وتخفف مني ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كذبوا ولكني خلّفتك لما تركت ورائي فارجع ، فاخلفني في أهلي وأهلك ، ألا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي» [٤٣٢] فرجع إلى المدينة ومضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لسفره.
أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أبو بكر بن مالك ، نا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، نا عبد الرّزّاق ، نا معمر عن الزّهري ، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه قال : لم أتخلّف عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزوة غزاها ، حتى كانت غزوة تبوك إلّا بدرا. ولم يعاتب النبي صلىاللهعليهوسلم أحدا تخلّف عن بدر ، إنما خرج يريد العير فخرجت قريش مغوثين لغيرهم فالتقوا عن غير موعد كما قال الله عزوجل. ولعمري إنّ أشرف مشاهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الناس لبدر ، وما كنت أحبّ أني كنت شهدتها مكان بيعتي ليلة العقبة حيث توافقنا على الإسلام. ولم أتخلف بعد عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزوة غزاها حتى كانت غزوة تبوك وهي آخر غزاة غزاها. فأذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الناس بالرحيل ، وأراد أن يتأهبوا أهبة عدوهم ، وذلك حين طاب الظلال وطابت الثمار ، فكان قلّ ما أراد غزوة إلّا ورّى غيرها.
وقال يعقوب عن ابن أخي ابن شهاب : إلّا ورّى بغيرها.
حدثناه أبو سفيان ، عن معمر ، عن الزّهري ، عن عبد الرّحمن بن عبد الله بن
__________________
(١) الخبر في سيرة ابن هشام ٤ / ١٣٢.