ذلك ، وكان رجلا حسن الخلق لين الشّيمة. قال : إن آخر ما عهد إليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن قال : «إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا» [٤٢٥] وإنك والله إن عصيتني لأطيعنك فسلّم أبو عبيدة لعمرو بن العاص.
قال ابن عائذ فأخبرني الوليد بن مسلم ، نا عبد الله بن لهيعة ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب الزّهري قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعثين إلى كلب وغسّان وكفار العرب الذين كانوا بمشارف الشام ، وأمّر على أحد البعثين أبا عبيدة بن الجرّاح وأمّر على البعث الآخر عمرو بن العاص ، فانتدب في بعث أبي عبيدة أبو بكر وعمر. فلما كان عند خروج البعث دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا عبيدة وعمرا فقال : «لا تعصيا» فلما فصلا من المدينة خلا أبو عبيدة بعمرو فقال له : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إليّ وإليك على أن لا تعاصيا ، فإمّا أن تطيعني وإما أن أطيعك. قال : لا بل أطعني فأطاع أبو عبيدة وكان عمرو أميرا على البعثين كلاهما. فوجد عمر (١) من ذلك ، وقال أتطيع ابن النابغة وتؤمّره على نفسك وعلى أبي بكر وعلينا. ما هذا الرأي؟ فقال أبو عبيدة لعمر : يا ابن أمّ ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إليّ وإليه أن لا نتعاصيا ، فخشيت إن لم أطعه أن أعصي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويدخل بيني وبينه الناس. وإني والله لأطيعنّه حتى أقفل. فلما قفلوا كلم عمر بن الخطاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وشكى إليه ذلك. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لن أؤمر عليكم بعدها إلّا منكم» [٤٢٦] يريد المهاجرين. فكانت تلك غزوة ذات السلاسل أسر فيها ناس كثير من العرب.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٢) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو جعفر البغدادي ، نا أبو علاثة محمد بن عمرو بن خالد ، نا أبي ، نا ابن لهيعة ، نا أبو الأسود ، عن عروة ح.
قال : وأنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد ، أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن عتّاب العبدي ، نا القاسم بن عبد الله بن المغيرة ، نا ابن أبي أويس ، نا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه موسى بن عقبة قالا : ثم غزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل
__________________
(١) عن خع وبالأصل «عمرو».
(٢) دلائل النبوة للبيهقي ٣ / ٣٩٨ ـ ٣٩٩.