عباس بن سهل بن سعد قال : تولى أبو عبيدة حصار دمشق وولى خالد بن الوليد القتال على الباب الذي كان عليه ـ وهو الباب الشرقي ـ فحصر دمشق بعد موت أبي بكر حولا كاملا وأيّاما ثم إنه لما طال على صاحب دمشق انتظار مدد هرقل ورأى المسلمين لا يزدادون إلّا كثرة وقوة ، وإنهم لا يفارقونه أقبل يبعث إلى [أبي](١) عبيدة بن الجرّاح يسأله الصلح. وكان أبو عبيدة أحبّ إلى الروم وسكان الشام من خالد. وكان يكون الكتاب منه أحبّ إليهم. فكانت رسل صاحب دمشق إنما تأتي أبا عبيدة بن الجرّاح وخالد يلج (٢) على أهل الباب الذي يليه. فأرسل صاحب الرحا إلى أبي عبيدة فصالحه وفتح له باب الجابية. وألحّ خالد بن الوليد على الباب الشرقي ففتحه عنوة. فقال خالد لأبي عبيدة : اسبهم فإني قد فتحتها عنوة. فقال أبو عبيدة : إنّي قد أمّنتهم. قال أبو مخنف (٣) : فتمّم (٤) أبو عبيدة الصلح وكتب لهم كتابا وهذا كتابه :
بسم الله الرّحمن الرحيم.
هذا كتاب لأبي عبيدة بن الجرّاح ممن أقام بدمشق وأرضها وأرض الشام من الأعاجم.
إنك حين قدمت بلادنا سألناك الأمان على أنفسنا وأهل ملّتنا. إنا شرطنا لك على أنفسنا أن لا نحدث في مدينة دمشق ولا فيما حولها كنيسة ولا ديرا ولا قلاية (٥) ولا صومعة راهب ، ولا نجدد (٦) ما خرب من كنائسنا ولا شيئا منها ما كان في خطط المسلمين ولا نمنع كنائسنا من المسلمين أن ينزلوها في الليل والنهار ، وأن نوسّع أبوابها للمارة وابن السبيل ، ولا نؤوي فيها ولا في منازلنا جاسوسا ، ولا نكتم على من غش المسلمين ، وعلى أن لا نضرب بنواقيسنا إلّا ضربا خفيا في جوف كنائسنا ، ولا نظهر الصليب عليها ، ولا نرفع أصواتنا في صلواتنا وقراءتنا في كنائسنا ولا يخرج صليبنا ولا
__________________
(١) عن خع ، سقطت من الأصل.
(٢) في مختصر ابن منظور ١ / ٢٠٥ يلحّ.
(٣) بالأصل وخع : «محيف» تحريف.
(٤) عن مختصر ابن منظور ، وبالأصل «فتمر» وفي خع : «فتم».
(٥) بالأصل وخع «قلامة» والصواب عن مختصر ابن منظور ١ / ٢٠٥ وفي اللسان : قلى : القلية كالصومعة ، قال ابن الأثير : واسمها عند النصارى قلّاية : تعريب كلاذة وهي من بيوت عباداتهم.
(٦) عن خع وبالأصل «تجدد».